ج٦ص٩٦
من كون الإغفال فعل الله بقوله : واتبع هواه حيث أسند اتباع الهوى إلى العبد الدال على أنه فعله لا فعل اللّه، ولو كان فعل الله والإسناد مجازيّ لقيل : فاتغ بالفاء السببية لتفرّعه عليه. قوله :( وجوابه ما مرّ غير مرّة ) أي من أنّ فعل العبد لكونه بكسبه وقدرته وخلق الله يجوز إسناده إليه بالاعتبار الأوّل والى الله بالاعتبار الثاني، والتنصيص على التفريع ليس بلازم فقد يترك لنكتة، كالقصد إلى الإخبارية استقلالاً لأنه أدخل في الذم وتفويضاً إلى السامع في فهمه، ولا حاجة إلى تقدير فقيل واتبع هواه الخ. قوله :( وقرئ أغفلنا بإسناد الفعل إلى القلب ) وجعله فاعلا له هذه القراءة شاذة لابن فائد، والأسواري. وهي من أغفله إذا وجده غافلاً، والمعنى ظننا وحسبنا غافلين عن ذكرنا له ولصنيعه بالمؤاخذة بجعله ذكر الله لعلمه كناية عن مجازاته كما مرّ مراراً. قوله :( مقدّماً على الحق ونبذا له وراء ظهره ) فرط بفتح الراء يكون اسما بمعنى متقدم ومصدراً بمعنى التقدم كما ذكره المعرب وغيره ولذا وقع في نسخة تقدما بالمصدر وعليه فنبذا بمعنى رميا على ظاهره على الأولى، كذلك أو بمعنى نابذا، ونبذه ورميه وراء ظهره مجاز عن تركه، وهو تفسير لقوله : مقدما على الحق، وفرس فرط أي سابق لغيره، وقوله : ومنه الفرط بسكون الراء مصدر، أي مجاوزة الحد أو بفتحتين بمعنى التضييع. قوله :( الحق ما يكون من جهة اللّه! تفسير لمقول القول على أن الحق مبتدأ ومن
ربكم خبره، وفيه إشارة إلى أنّ تعريف الحق للجنس وأنّ التركيب يفيد القصر، كقوله : الكرم في العرب وأن القصر فيه إضافيئ بالنسبة إلى مقتضى الهوى وأن معنى كونه من الرب كونه من جهته بوحي وتوقيف ونحوه ومن ابتدائية وهو رد على أمية فيما دعا إليه، وقوله : خبر مبتدأ محذوف أي الموحى إليك ونحوه والجار والمجرور حال مؤكدة من الحق أو خبر بعد خبر، وفيل : إنه فاعل جاء مقدّراً كما صزج به في آية أخرى. قوله :( لا أبالي لإيمان من آمن ولا كفر من كفر ( يعني أنّ الأمر والتخيير ليس على حقيقته فهو مجاز عن عدم المبالاة والاعتناء به والأمر بالكفر غير مراد فهو استعارة للخذلان والتخلية بتشبيه حال من هو كذلك بحال المأمور بالمخالفة ووجه الشبه عدم المبالاة والاعتناء به فيهما وهذا كقوله :
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة
كما فصل في غير هذه الآية وهذا رد عليهم في دعائهم إلى طرد الفقراء المؤمنين ليجالسوه ويتبعوه فقيل لهم : إيمانكم إنما يعود نفعه عليكم فلا نبالي به حتى نطردهم لذلك بعدما تبين الحق وظهر، وبهذا ظهر ارتباطه بقوله : وقل الحق من ربكم عل! الوجوه. قوله ( وهو لا يقتضي استقلال العبد بفعله ا لما استدل المعتزلة بهذه الآية على أن العبد مستقل في أفعاله موجد لها لأنه علق فيها تحقق الإيمان والكفر على محض مشيئته لأنّ المتبادر من الشرط أنه علة تامة للجزاء فدلّ على أنه مستقل في إيجادهما ولا فرق بين فعل وفعل فهو الموجد لكل أفعاله أشار إلى دفعه، بأن مشيئته ليست بمشيئة أخرى له د الا لدار أو تسلسل فهي بمشيئة اللّه لقوله :﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ ﴾ [ سورة الإنسان، الآية : ١٣٠ فلا يكون مستقلاً فيه لتوقف ارادته على إرادة اللّه، وأورد عليه أنه لا يلزم من توقف مشيئته على مشيئة الله لها، كون ذلك الفعل بخلق الله وايجاده فكان عليه أن يقول : فمشيئته ليست بموجدة له، وإنما الموجد مشيئة الله وقدرته، ومشيئة العبد مقارنة للفعل لا غير كما هو مذهب الأشعركما وأجيب بأنه سلك طريق المبالغة في إلزامهم يعني تنزلنا وفرضنا أن مشيئة العبد مؤثرة وموجدة للأفعال فمشيئته بمشيئة الله لما مرّ فانتفى استقلاله فيها كما فصله في التفسير الكبير، وأورد عليه أن لهم أن يقولوا : تعلق القدرة والإرادة يستقل به العبد عند حصول الدواعي وحصول الدواعي ليس بموجب للتعلق مع أن لزوم التسلسل في التعلقات لا يختص بإرادة العبد بل يعتم إرادة الله، والجواب أنّ توقف مشيئته على مشيئة الله وتمكينه ثابت بالنص بلا نزاع وإرادة إرادة اليم كإرادته بلا فرق والتوقف عليها مقرّر فلزم عدم استقلاله في الفعل وأن لإرادة الله مدخلا فيه وهو يهدم قاعدتهم، ولا حاجة إلى ذكر حديث التسلسل هنا، وأمّا قوله : يعم إرادة الله فقد قيل إنّ بينهما فرقاً ومن أراد تفصيله فليرجع إلى شرح المقاصد والمواقف وحواشيه فإن السؤال
وجوابه مسطور ثمة. قوله :( فسطاطها ( الفسطاط الخيمة وقوله : شبه به


الصفحة التالية
Icon