ج٧ص١٦٢
تنزيهية، وقوله موضع قيام فهو اسم مكان ويجوز أن يكون مصدرا ميمياً، والمعنى لا ينبغي أو لا يمكن لكم الإقامة ههنا، وقوله فارجعوا الخ أي ليكون ذلك أسلم من القتل أو لاتخاذ يد عند حاضرهم، وقوله أسلموه أي سلموا النبي ﷺ لأعدائه أو اخذلوه واتركوه. قوله :( أو لا مقام لكم بيثرب ) أي لا مقام لكم بعد اليوم بالمدينة أو نواحيها لغلبة الأعداء، أو لأنه علم نفاقهم فخافوا من قتل النبي ﷺ بعد غلبته، ويجوز أن يراد على هذا ليس لكم محل إقامة في الدنيا أصلاً وفيه مبالغة، وقوله فارجعوا أي عن الإسلام وكفارا حال أو هو خبر وارجعوا بمعنى صيروا، وجملة يقولون حال أو مستأنفة، والضمير للفريق وهو تعليل للاستئذان أو تفسير له. قوله :( وأصلها الخلل ) أي في البناء ونحوه بحيث يمكن دخول السارق فيها وهي في الأصل مصدر فوصف به مبالغة أو لتأويله بالوصف، وقيل إنه لا ينافي المبالغة لأنّ ظاهره يكفي لقصد المبالغة لكن المبالغة لا تناسب قوله، وما هي بعورة ولذا قصر بعضهم التأويل على الأوّل. قوله :( ويجوز الخ ) على أن يكون صفة والتصحيح حينئذ خلاف القياس لأنّ القياس قلبها ألفاً كما قيل وردّ بأنه إنما يقتضي القياس القلب إذا قلب فعله وفعله لم يقلب حملا على اعورّ المشدد كما ذكره المعرب، وقوله قرئ بها أي في الموضعين، وهي قراءة ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة وهو صفة مشبهة وقوله دخلت المدينة أو بيوتهم تفسير للضمير المستتر. قوله :( من أقطارها ) جمع قطر بمعنى الجانب قيل ولعل فائدته أن لا يخالف قوله وما هي بعورة فإن الدخول من عين أقطارها لا يقتضي الخلل
منها فإن لكل منها بابا، وفي الكشاف من كل جوانبها وهو غير مناسب لذمّهم إذ مقامه يقتضي أنهم يرتدون بأدنى شيء ولو بلا فزع كامل، وليس بشيء لأن الفزع الكامل يقتضي الغارة والعداوة التامّة فالمراد أنهم يطيعون من أمرهم بالكفر ولو كان أعدى أعدائهم، وما في الكشاف هو بعينه ما ذكره المصنف رحمه الله والحاصل أن فرارهم لنفاقهم لا لخوفهم. قوله :( وحذف الفاعل ) وهو الداخل عليهم وضمن الإيماء معنى الإشعار، ولذا عداه بالباء والحكم المرتب عليه قوله سألوا الفتنة الخ، وقوله لأعطوها تفسير له على قراءة المدّ فإن آتى بمعنى أعطى والظاهر أنه تمثيل بتشبيه الفتنة المطلوب اتباعهم فيها بأمر نفيس يطلب منهم بذله واطاعتهم ومتابعتهم بمنزلة بذل ما سألو. وإعطائه وفعلوها تفسير له على قراءة القصر، ويحتمل أنه تفسير لهما فتأمّل. قوله :( أو ب!عطائها ) وفي نسخة أي بدل أو يعني أن الضمير للفتنة دون تقدير فيه أو بتقدير مضاف يعلم مما قبله والقول بأنه على الأوّل راجع إلى الإعطاء المذكور حكما لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه تعسف وأمّا كون التلبث في الفتنة نفسها لا يكون فلا وجه له لأن لا مانع من حمله على المكث على الردّة، وظاهره أن الباء ظرفية أو للملابسة أو سبية ويجوز أن يكون هذا وجه العطف بأو، وفي الكشاف أن معناه ما ألبثوا إعطاءها على أن الباء للتعدية بتقدير المضاف فيه، ويحتمل أن الضمير للمدينة أو بيوتها كما أشار إليه في الكشاف وأشار إلى ضعفه بتأخيره وتبعه المصنف رحمه الله لما فيه من تفكيك الضمائر، ومن لم يتنبه له قال لو حملوه عليه كان أولى. قوله :( ريثما السؤال والجواب ) أي بمقداره، وفي نسخة يكون بعد ريثما وهي أصح قال المطرزي في شرح المقامات الريث في الأصل مصدر راث بمعنى أبطأ أجروه مجرى الظرف كمقدم الحاح قال أبو علي لإضافته إلى الفعل كقوله :
لا يمسك الخير إلا ريث يرسله
صار بمعنى حين وظاهره لزوم الفعل بعده وما زائدة فيه لوروده بدونها كثيراً، وأكثر ما تستعمل مستثنى في كلام منفي ويجوز كونها مصدرية، وقوله إلا يسيراً أي تلبثا يسيراً أو رّماناً يسيرا لأنّ الله يهلكهم أو يخرجهم بالمسلمين أو لتهالكهم على المسلمين يعني أن ارتدادهم للقرار في مساكنهم ولا يحصل لهم مرادهم. قوله :( يعني بني حارثة الخ ) فهؤلاء هم الذين
طلبوا الرجوع، وقيل المراد الأنصار مطلقاً وما عاهدوا عليه النبي ﷺ ليلة العقبة، وفشلوا بمعنى جبنوا فتركوا الحرب، وقوله مسؤولاً عن الوفاء به يعني أنه على الحذف والإيصال وقد مرّ تحقيقه. قوله :( فإنه لا بدّ لكل شخص! الخ ) قيل عليه المعنى لا ينفعكم نفعا دائما أو تامّا في دفع الأمرين المذكورين بالكلية إذ لا بدّ لكل شخص من حتف أنفه، أو قتل في وقت معين لا لأنه سبق


الصفحة التالية
Icon