ج٧ص١٦٣
به القضاء لأنه تابع للمقضي فلا يكون باعثاً عليه بل لأنه مقتضى ترتب الأسباب والمسببات بحسب العادة على مقتضى الحكمة فلا دلالة فيه على أن الفرار لا يغني شيئا حتى يشكل بالنهي عن الإلقاء للتهلكة، وبالأمر بالفرار عن المضار، وقوله واذا لا تمتعون إلا قليلا عن أنّ في الفرار نفعا في الجملة ورد بأن ما ذكره المصنف ظاهر على أن الأجل مطلقاً متعين لا يتغير لظاهر ما في الأحاديث كقوله :" لا ينفع حذر من قدر " وآجال مضروبة لا تؤخر، ولا تعجل وعليه كثير والحق أن هذا حال المبرم في علمه تعالى لا للمكنون في اللوح لما في الأحاديث " من زيالة الصدقة، وصلة الوحم " في العمر كما فصل في محله فالمعنى لن ينفع الفرار من الموت المبرم لسبق القضاء به سبقاً زمانيا لا ذاتياً حتى يقتضي سبقيته إذ ليس في كلامه ما يدل عليه، فما زعمه من تبعية القضاء للمقضي لتبعيته للإرادة التابعة للعلم التابع للمعلوم، وهو المقضي ومخالفته لما ذكر ودلالة ما بعده على ما ذكره كله في حيز المنع كما لا يخفى فتأمل، وحتف الأنف الموت بدون قتل وجرى القلم القضاء الأزلي. قوله :( وإق نفعكم الخ ) يعني أنه أمر فرضي تقديري، وقوله إلا تمتيعاً الخ يعني أن قليلاً منصوب على المصدرية أو الظرفية لكونه صفة مصدر أو اسم زمان مقدّر، وقوله يعصمكم بمعنى يمنعكم مما قضاه وقدره، وقوله أو يصيبكم الخ دفع لأنّ العصمة والمنع من السوء فكيف عطف على ما بعده الرحمة بان فيه تقديرا كما بينه فحذف إيجازاً كما في قوله :
متقلدا يفاوشا
أي وحاملاً أو معتقلاَ لأنّ التقليد بحمائل السيف فلا يكون بالرمح وأوّله :
ورأيت زوجك في الوغى
متقلداً الخ وروي :
يا ليت ؤوجك قد غدا
وقوله أو حمل الثاني الخ فالمعنى من ذا الذي يمنعكم من الله، وما قدر مان خيرا وان
شرّاً وهذا التوجيه جار في البيت أيضاً بل قيل إنه أظهر والآية نظير البيت في مجرّد التقدير بعد العاطف لا في عطف معمول مقدر على معمول مذكور. قوله تعالى :( ﴿ وَلَا يَجِدُونَ لَهُم ﴾ الخ ) أي لأولى فيجدوه فهو كقوله :
ولا ترى الضب بها ينحجر
وهو معطوف على ما قبله بحسب المعنى فكأنه قيل لا عاصم لهم ولا ولي ولا نصير أو الجملة حالية، وقد في قوله قد يعلم الله للتحقيق، أو لتقليله باعتبار متعلقه وبالنسبة لغير معلوماته، ومنكم بيان للمعوّقين لا صلته واليه أشار بقوله عن رسول الله ﷺ وقوله من ساكني المدينة وهم الأنصار بيان لأن الأخوّة بالصحبة والجوار. قوله :( قرّيوا أنفسكم ) قال المصنف في الأنعام هلم يكون متعدّيا كقوله :﴿ هَلُمَّ شُهَدَاءكُمُ ﴾ [ سورة الأنعام، الآية : ١٥٠ ] ولازما كقوله هلم إلينا قيل وبينهما مخالفة فإنّ كلامه هنا يقتضي أنه متعد حذف مفعوله، وما مرّ يقتضي أنه في هذه الآية لازم بمعنى أقبل والحوالة عليه تقتضي عدم المخالفة بينهما فإما أن يكون تفسير الحاصل المعنى فإن من أقبل إليك فقد قرب بعينه منك، أو إشارة إلى أنه وان ورد متعديا ولازما يجوز اعتبار كل منهما في هذه الآية فحمله على ظاهره في الأنعام وجوّز هنا كونه متعدّيا. قوله :( أو بأساً ) على أنه صفة مفعول مقدّر كما كان صفة المصدر أو الزمان، والمراد بالبأس الحرب وأصل معناه الشدة وقوله :﴿ فإنهم يعتذرون ﴾ بيان له على الوجوه الثلاثة لا على بعضها كما يتوهم ومعناه على الثالث يعتذون في البأس الكثير ولا يخرجون إلا في القليل، وقوله أو يخرجون الخ وجه آخر فيكون يأتون البأس بمعنى يقاتلون مجازاً وعلى الأوّل هو على ظاهره، وقيل إنه معطوف على يعتذرون فهو بيان لعدم إتيانهم، وقوله ما قاتلوا إلا قليلا وقع في بعض النسخ وما بالواو وليس ذلك في النظم. قوله :( وقيل إنه الخ ) هو على الوجه الأوّل حال من القائلين أو عطف بيان على قد يعلم وهو على هذا من مقول القول وهو ظاهر. قوله :
( بخلاء عليكم بالمعاونة الخ ) هو جمع بخيل كاشحة جمع شحيح يعني أنّ المراد عدم إرادتهم نصرة المؤمنين ومعاونتهم في الحرب وخالف فيه الزمخشريّ تبعا للواحدي، والكواشي حيث فسبره بقوله أضناء بكم يترفرفون عليكم كما يفعل الرجل بالذاب عنه المناضل دونه عند الخوف وإنما عدل عنه لأنه معنى قوله :﴿ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ ﴾ [ سورة الأحزاب، الآية : ٩ ا ] الخ للتفرّع عليه وصاحب الكشاف جعله تفسيرا له وقد قيل إنه إنما اختاره ليطابق معنى ويقابل قوله بعده أشحة على الخير لأنّ الاستعمال يقتضيه فإن الشح على الشيء هو أن يريد بقاءه له كما في الصحاح، وأشار إليه أضناء بكم وما ذكره غير لا يساعده الاستعمال قال وهو حقيق فإن سلم له ما ذكرمن الاستعمال كان متعيناً وإلا فلكل وجهة كما لا يخفى على