ج٧ص١٧٢
يختاروا تفسير لأن يكون لهم الخيرة لا للخيرة وفائدته الإشارة إلى أن يكون هنا ليس بمعنى يصح ككان السابقة بل هي للذلالة على الوقوع فافهم. قوله :( وجمع الضمير الآوّل ) قد قدمنا تقريره، واعتبر عمومه وإن كان سبب نزوله خاصا دفعا لتوهم اختصاصه بسبب النزول أو ليؤذن بأنه كما لا يصح ما اختاروه مع الانفراد لا يصح مع الجمع أيضا كي لا يتوهم أن للجمعية قوّة تصححه. قوله :( وجمع الثاني ) أي ضمير من أمرهم مع أنه للرسول ﷺ أو له ولله وعلى كل فليس مقتضى الظاهر جمعه قيل لا يظهر امتناع عوده على ما عاد عليه الأوّل مع ترجيحه بعدم التفكيك فيه على أن يكون المعنى ناشئة من أمرهم المعنى دواعيهم السابقة إلى اختيار خلاف ما أمر اللّه، ورسوله ﷺ أو المعنى الاختيار في شيء من أمرهم أي دواعيهم فيه
بعد، وردّ هذا بأنه قليل الجدوى ضرورة أن الخيرة ناشئة من دواعيهم أو واقعة في أمورهم وهو بين مستغن عن البيان بخلاف ما إذا كان المعنى بدل أمره الذي قضاه ﷺ أو متجاوزين عن أمره لتأكيده وتقرير للنفي فهذا هو المانع من عوده إلى ما عاد عليه الأوّل، وهو كلام حسن والقراءة بالياء للفصل ولأنّ تأنيثه غير حقيقي ولبعضهم هنا كلام واه تركه أولى من ذكره. قوله :( وتوفيقك لعتقه واختصاصه ) بالمحبة، والتبني ومزيد القرب منه ﷺ وهو من أجل النعم ولو أخر هذا كان أولى وزيد بن حارثة رضي الله عنه تقدم ذكره وبيانه، ومقامه أجل من أن يخفى قيل وايراده هنا بهذا العنوان لبيان منافاة حاله لما صدر عنه ﷺ من إظهار خلاف ما في ضميره إذ هو يقع للاستحياء أو الاحتشام، وهو لا يتصوّر في حق زيد ويجوز أن يكون بيانا لحكمة إخفائه ﷺ لأنه مما يطعن به الناس كما قيل :
وأظلم أهل الظلم من بات حط سداً لمن بات في نعمائه يتقلب
فأعرفه. قوله :( وذلك أنه الخ ) هذا الحديث ذكره الثعلبي، وهو في الطبرى بمعناه عن
عبد الرحمن بن أسلم وفي شرح المواقف إن هذه القصة مما يجب صيانة النبي عوو عن مثله فإن صحت فميل القلب غير مقدور مع ما فيه من الابتلاء لهما، والظاهر أن الله لما أراد نسخ تحريم زوجة الدقي أوحى إليه بتزوّج زينب إذا طلقها زيد فلم يبادر له ﷺ مخافة طعن الأعداء فعوتب عليه، وهو توجيه وجيه، وقوله لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم صريح فيه والقضة شبيهة بقصة داود عليه الصلاة والسلام لا سيما، وقد كان النزول عن الزوجة في صدر الهجرة جارياً بينهم من غير حرج فيه وقوله : وقعت في نفسه أي وقعت محبتها وهي كناية عن الميل الاضطرارفي، وكان لم يمل لتزوّجها حين إرادته فلذا قال مقلب القلوب أي مغير أحوالها ودواعيها، وقوله لشرفها أي شرف نسبها بقرابتها من النبي ﷺ، وقيل إنها كانت تطمع في طلاقها وتزوّج النبي ﷺ بها وفعل زيد رضي الله عنه كان لذلك، ولكنه لم يصرّح به تأدبا وقوله أرابك أي أوقعك في ريب أو شك فيها لأنه يقال رابه وأرابه ويجوز كون الهمزة للاستفهام. قوله :( فلا تطلقها ضرارا ) إنما ذكره لاقتضاء أمره بالتقوى مخالفة الطلاق لها فإما
أن يكون الطلاق نفسه ضرراً لأنه منهي عنه ويورث وحثة أو يكون ضرراً إذا كان بغير سبب ظاهر لأنه يوهم أنه علم منها ما يكره فلا يقال إن الأولى الاقتصار على قوله لا تطلقها، وقوله أو تعللا أي تكلفا لعلة وسبب هو تكبرها وعطفه بأو لأنه أراد بالضرار ما لا وجه له، فلا وجه لما قيل الأولى عطفه بالواو وجعله في الكشاف وجهاً آخر مقابلاً للتطليق، وهذا أحسن وتعدية أمسك بعلى لتضمينه معنى الحبس. قوله :( وهو نكاحها الخ ) الأوّل هو الأصح، وأمّا قوله أو إرادة طلاقها فقد رده القاضي عياض في الشفاء، وقال لا تسترب في تنزيه النبي ﷺ عن هذا الظاهر وأن يأمر زيداً بإمساكها وهو يحب تطليقه إياها كما ذكره جماعة من المفسرين الخ، وليس المراد به أنه حسده عليها حتى يكون حسدا مذموماً بل مجرّد خطوره بباله بعد العلم بأنه يريد مفارقتها فلا محذور فيه فتأمّل. قوله :( تعييرهم إياك به ) أي عذهم نكاحها عارا عليك فليس المراد بالخشية هنا الخوف، بل الاستحياء من قول


الصفحة التالية
Icon