ج٧ص١٧٤
بينهما لكن كل منهما يستعمل بمعنى الآخر فالمراد إيجاد ما تعلقت به الإرادة، وقوله قدرا مقدوراً وقضاء مقضياً كظل ظليل وليل أليل في قصد التأكيد، واليه أشار بقوله حكما مبتوتا أي مقطوعا به والأمر مصدر والمراد أنّ اتباعه والعمل بموجبه لازم مقضي في نفسه أو هو كالمقضي في لزوم اتباعه، أو اسم والمعنى كان مراده ذا قدر أو عن قدر، وقوله قرئ رسالة الله الإفراد لجعلها لاتفاقها في الأصول وكونها من الله بمنزلة شيء واحد وان اختلفت أحكامها. قوله :( تعريض بعد تصريح ( بأنّ اللّه أحق أن تخشاه والتعريض لأنه وصف به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهو أولى بالاقتداء بسيرتهم والاتصاف بصفتهم، وقوله كافيا لأنّ الحسب يكون بمعنى الكفاية ومنه حسبي الله أو هو بمعنى المحاسب على الذنوب، وقوله فينبغي الخ على التفسيرين. قوله :( ولا ينتقض عمومه ) أي عموم حكم هذه الآية من أنه ﷺ لم يكن أبا لأحد من رجالهم بما ذكر من أولاده الذكور فإنهم لم يبلغوا مبلغ الرجال بل ماتوا صغارا فلو فرض بلوغهم أو قيل الرجل مطلق الذكر خرج هؤلاء عن حكم النفي بقيد الإضافة، وأولاده ﷺ مذكورون في السير تفصيلا، ولا يرد على المصنف رحمه اللّه أن القاسم والطاهر أيضا ولدا بمكة كما صح في السير وهذه السورة مدنية لأنّ المراد أنه لم يكن في الماضمي وقيل هذا مطلقا فتأمل، وقوله فيثبت منصوب على جوأب النفي، فإن قلت كيف يختص الرجل بالبالغ مع أنه في القرآن حيث ورد عام كقوله :﴿ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً ﴾ وغيره وقول الفقهاء لو حلف لا يكلم رجلا وكلم صبياً حنث، قلت اختصاصه به في عرف اللغة مما لا شبهة فيه وما ورد في النظم وارد على أصل اللغة أو هو على الأصل وثبوت حكم البالغ فيه بدلالة النص، وكذا ما ذكره الفقهاء على الأصل مع أن الإيمان عندهم مبناها العرف لا اللغة فلا يرد على هذا شيء كما توهم، وقد أورد على الشق الثاني أنه لا ينتظم مع التأكيد بقوله خاتم النبيين وسيأتي دفعه وما فيه وما ذكر أيضاً جوأب عن الحسن والحسين رضي الله عنهما. قوله :( وكل رسول أبو أمته ( ظاهره أنه يصح إطلاق الأب عليه ﷺ كما تطلق الأم على زوجاته، ونقل الطيبي فيه خلافا عن الشافعية وفي الروضة لا يجوز أن يقال هو أبو المؤمنين لظاهر هذه الآية، وقوله وزيد منهم أي من
أمته، وقوله خبر مبتدأ تقديره هو وقوله من عرفتم الخ في نسخة أب من غير وراثة، والنصب مع التخفيف بتقدير كان أو للعطف بالواو وقيل يتعين الأوّل. قوله. ( وآخرهم ) هو على قراءة الكسر لأنه اسم فاعل بمعنى الذي ختم، وقوله أو ختموا به على قراءة الفتح لأنه اسم آلة لما يفعل به كالطابع لما يطبع به والقالب، وإن كان مآل معناه للآخر أيضاً فقوله على قراءة عاصم قيد للثاني. قوله :( ولو كان له ابن بالغ الخ ( كذا في الكشاف ورده في الكشف ومنعه بعضهم فقال الملازمة ممنوعة إذ كثير من أولاد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يكونوا أنبياء فإنه أعلم حيث يجعل رسالاته والحديث على تقدير صحته لا يدل على كليته التي هي المدّعي ( أقول ) إمّا صحة الحديث فلا شبهة فيها لأنه رواه ابن ماجه وغيره كما ذكره ابن حجر، وأمّا الكلية فليس مبناها على اللزوم العقلي والقياس المنطقي بل على مقتضى الحكمة الإلهية، وهي أنّ الله أكرم بعض الرسل بجعل أولادهم أنبياء كالخليل ونبينا ﷺ أكرمهم وأفضلهم فلو عاس أولاده اقتضى تشريف الله له ذلك وأمّا كونه يجوز أن يكون أبا رجل ولا يكون نبيا لعدم وصوله لسن النبوّة يعني الأربعين فليس بشيء لأنّ تعين ذلك السن للنبوّة غير متعين، ولا يتوقف عليه كما يتبادر إلى الذهن من غير نظر لما جرت به العادة في الواقع، ثم أجاب عن الملازمة في الكشف بأنها مستفادة من الآية لأنه لولاها لم يكن للاستدراك معنى إذ لكن تتوسط بين متقابلين فلا بد من منافاة بنوّتهم له لكونه خاتم الرسل، وهو إنما يكون باستلزام بنوّتهم لنبوّتهم ولا يقدح فيه قوله رسول الله كما يتوهم لأنه لو سلم رسالتهم لكانت إما في عصر. وهي تنافي رسالته أو بعده، وهي تنافي خاتميته وقد تكلف بعض أهل العصر لتوجيه الاستدراك الغث والسمين، وقد يقال الاستدراك يكفي فيه أنه لما كان عدم النسل من الذكور يفهم منه أنه لا يبقى حكمه، ويدوم ذكره استدراك بما ذكر، أو أنه لما نفيت أبوته مع اشتهار أن كل رسول أب لأمته ربما يوهم نفي رسالته فاستدرك ذلك


الصفحة التالية
Icon