ج٧ص٢٣٤
المفتاح وبه يندفع السؤال الأوّل وهذه النسخة هي التي عليها المعوّل لأنّ يونس عليه الصلاة والسلام لم يدرك زمن عيسى، وإن أدركه يحيى كما فصل في التواريخ، وفي تاريخ ابن الوردي إنّ النصارى تسمى يحيى يوحنا والله أعلم. قوله :( فقوّينا ) من قولهم للأرض الصلبة عزاز ومنه العز بمعناه المعروف، وفيه لغتان التخفيف والتشديد وبهما قرئ في السبعة وهما بمعنى كشدّد وشدد، وقوله وحذف المفعول أي لم يقل فعززناهما والمعزز بصيغة المفعول وبه نائب فاعله وليس فيه ضمير، وقو؟ له إنا إليكم مرسلون أي من عيسى أو من الله على الوجهين السابقين، وشمعون من الحواريين. قوله :( فآمن حبيب
الخ ) ظاهره أنه كان كافرا ويحتمل أنه كان مؤمناً ولكنه آمن بما جاء به وفي مرآة الزمان قال أبو الحسين بن المنادى حبيب النجار هو نبيّ أصحاب الرس المذكور في القرآن وهو بعيد، وقوله من أوجدك من فيه تحتمل الموصولية والاستفهام ومطموس العينين بمعنى أعمى بلا حدقة، وقوله ليس الخ أي لا أخفي عنك ما في قلبي وضميري وقوله ثم قال أي شمعون أو الملك، وقوله يشفع الخ أي يسأل الله قبول دعائهم لأن شمعون كان يدعو معهم سرّاً والبندقة واحدة البندق بالضم، وهو طين مستدير يرمي به والذي يؤكل معرب فندق وعربيه جلوز وهو محتمل هنا أيضاً. قوله :( ورفع بشر الخ ) أي لم ينصب كما في قوله ما هذا بشراً لمشابهتها ليس في الدلالة على النفي لأنّ شرط عملها أن لا ينتقض نفيها بدخول إلا على خبرها كما هنا لأنها تعمل بالحمل على ليس فإذا انتقض نفيها ضعف الشبيه فيها فبطل عملها خلافاً ليونس، وقوله وما أنزل الرحمن الخ يقتضي إقرارهم بالألوهية لكنهم ينكرون الرسالة، ويتوسلون بالأصنام لكنه يخالف قولهم ألنا إله سوى اكهتنا الصابق فينبغي أن يجعل هذا من لاحكاية لا من المحكي، وهم قالوا لا إله ولا رسالة فلا يرد عليه شيء والتعبير بالرحمن لحلمه عليهم ورحمته بعدم تعجيل العذاب حين الإنكار ومنه تعلم ما في كلام المحشي من الغفلة عما سبق. قوله :( وهو يجري مجرى القسم ) أي في التأكيد والجواب بما يجاب به، وأما كفر من قال علم الله كاذباً فأمر آخر وقوله وزادوا اللام أي في قولهم هنا دون الأوّل لمرسلون. قوله :( لأنه جواب عن إنكارهم ) في الكشاف إنّ الأوّل ابتداء أخبار والثاني جواب عن إنكار وهذا مخالف لما في المفتاح من أنهم أكدوا في المرّة الأولى لأنّ تكذيب الاثنين تكذيب للثالث لاتحاد المقالة فلما بالغوا في تكذيبهم لهم في المرة الأولى فالتأكيد فيها للاعتناء والاهتمام
بالخبر قال الشريف وما ذهب إليه السكاكي أدق قال الفاضل اليمني إنما أكد لتنزيلهم منزلة من أنكر إرسال الثلاثة لأنه قد لاح ذلك من إنكار الاثنين فعلى هذا يكون ابتداء أخبار بالنظر إلى إخراج الكلام على مقتضى الظاهر، وانكاريا بالنظر إلى إخراج الكلام لا على مقتضى الظاهر فظهر بهذا إن نظر صاحب الكشاف أدق، وكلامه بالقبول أحق انتهى وفي الكشف أنه أراد بالابتداء إنه غير مسبوق بإخبار سابق، ولم يرد أنه كلام مع خالي الذهن وهذا يصح إن جعل قوله فقالوا الخ تفصيلاً للمجمل وفيه لف في عدم تمييز قول الثالث ثقة بفهم السامع، وإلا فالظاهر من قوله فكذبوهما سبق إنكاراً وجعل الابتداء باعتبار قول الثالث أو المجموع والأوّل هو الوجه وعليه ظاهر الآية يعني أنّ هذا الأخبار لما كان عن الثلاثة والمتبادر بشهادة الفاء أن القائل هو الثالث، وكلامه لم يقع جواباً لإنكار لكنه علم إنكارهم لمقالته لاتحاد مرسلهما، ومرسله بالكسر والمرسل به والإنكار إذا لم يصرح به ويحتج عليه دون ما يخالفه لاحتمال الرجوع عنه كما وقع لبعضهم فلذا كان تأكيد الأوّل بالاسمية، وان والثاني بهما مع اللام والقسم والحاصل أن الإبتدائي عند أهل المعاني مقابل للإنكاري، وما في حكمه وعند غيرهم ما ليس بجواب والزمخشري لما أوقعه مقابلاً للجواب، والإنكار احتمل كلاً منهما فحمل تارة على هذا وأخرى على هذا لكن في كلامه نظر فانّ الوجه الأوّل الذي ارتضاه لا يخرج عما بعده فتأمل، وما قيل من أن إنكارهم في كلام المصنف رحمه الله المراد به أشدّ الإنكار لأنّ هذا جواب عن إنكار أيضاً، وان مراد الزمخشري بالابتداء ما هو بمنزلته بالنسبة إلى الثاني لا أنه ابتداء حقيقي فليس مما يلتفت إليه بعدما سمعت، وكذا ما ذكره من أنّ