ج٧ص٢٣٦
التعبير بالعرية إشارة للسعد وأن الله يهدي من يشاء سواء قرب أم بعد، وقال بعض الأدباء لما سمع قولهم الأطراف منازل الأشراف هذا مأخوذ من قوله تعالى من أقصى المدينة، ولو قيل إنه لو أخرتوهم تعلقه بيسعى فلم يفد أنه من أهل المدينة مسكنه في طرفها وهو المقصود وسيأتي مثله ويسعى بمعنى يسرع حرصاً على نصح قومه أو بمعنى يقصد وجه الله كقوله وسعى لها سعيها وهذا وان كان مجازاً يجوز الحمل عليه لشهرته فلا غبار عليه. قوله :( وكان ينحت ) بتثليث الحاء المهملة بمعنى يبري، ويصنع وكونه كان يصنعها لا يوافق ظاهراً إيمانه بنبينا عليه الصلاة والسلام، ولذا قيل الأصنام هنا بمعنى التماثيل التي كان نحتها مباحا في شرعهم وهو خلاف الظاهر، وكذا ما قيل إيمانه بمحمد ﷺ كان على يد الرسل مع أنه معارض لحديث سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالته طرفة عين ( علي، وصاحب يس، ومؤمن آل فرعون (، وتبشير الأمم السالفة والإيمان ينبينا قبل وجوده من خصائصه ﷺ كإيمان تبع على ما عرف في السير وكتب الحديث، وقوله وقيل الخ وجه مقابلته للأوّل ظاهر لأنه في الأوّل مخالط للناس صنع، وفي هذا متباعد عنهم ووجه تمريضه إنه ينافي قوله تعالى من أقصى المدينة، وقوله وهم مهتدون أي ثابتون على الاهتداء
وقوله تلطف أي الجل المحكي عنه هذا، وقوله بإيراده أي إيراد قوله مالي الخ ووضعه موضع نصحه لنفسه ظاهرا لمامحاض عطف على الإرشاد ويجوز عطفه على المناصحة. قوله :( ولذلك قال الخ ) أي لكون المراد تقريعهم وتوبيخهم لم يقل، واليه أرجع مبالغة في تهديدهم بتخويفهم بالرجوع إلى شديد العقاب مواجهة وصريحاً فإنه لو قال واليه أرجع كان فيه تهديد بطريق التعريض، وقد جوّز كونه من الاحتباك وأصله على ذكرهما في الطرفين فحذف من الأوّل ما ذكر في الثاني وعكسه ومثله لا يرتكب من غير ضرورة فالأولى تركه. قوله :) ثم عاد إلى المساق الأوّل ) أي مناصحة نفسه تلطفا لإرشادهم، وقوله لا تنفعني شفاعتهم أمّا على حذ قوله :
ولا ترى الضب بها لمجنحجر
أي لا شفاعة لهم حتى تنفع أو هو على فرض وقوعها لأنها غير واقعة، وفي قوله أءاتخذ
إشارة إلى أنها ليست بلائقة للألوهية وهو تحميق لهم لأنّ ما يتخذ وبصنعه المخلوق كيف يعبد، وقوله ولا ينقذون الإنقاد التخليص ترق من الأدنى للأعلى، وقوله ما لا ينفع يعني الأصنام المعبودة دون الله. قوله :( فاسمعوا إيماتي ) ففيه مضاف مقددماذ السماع لا يتعلق بالذوات وتقدير ما ذكر لقوله قبيله آمنت الخ فالمراد بايمانه قوله آمنت أو سمي الإقرار إيمانا للزومه له شطراً أو شرطا فالخطاب على هذا لقومه، ومقصوده دعوتهم إلى الخير الذي اختاره لنفسه لا أن يغضبهم ويشغلهم عن الرسل بنفسه فإنّ تصريح المصنف بأنه من المساق الأوّل ينبو عنه بعض نبوة والأولى أن يفسر باسمعوا جميع ما قلته في هذا المساق، واقبلوه فمانّ السماع يرد بمعنى القبول كسمع الله لمن حمده، وقوله فأسرع الخ أي ليشهدهم على إيمانه واقراره به ليشهدوا له عند الله. قوله :( بشرى بأنه من أهل الجنة ) يدخلها إذا دخلها المؤمنون، والقائل له ملائكة الموت فالأمر للتبشير لا للإذن في الدخول حقيقة، وقوله كسائر الشهداء فانهم يدخلونها عقب الموت بأن تطوف أرواحهم فيها وهم أحياء في قبورهم يشاهدون مقاماتهم فيها، ويؤيده قوله جعلني من المكرمين. قوله :( رفعه الله ( جواب لما وفي نسخة
فرفعه الله بالفاء فإنّ جوابها قد يقترن بها، وان منعه بعض النحاة فعلى هذا يكون رفع حياً إلى الجنة كعيسى صلوات الله وسلامه عليه فإذا فنيت الجنة بفناء السماء، ثم أعيدت أعيد له دخولها وهذا مرويّ عن الحسن. قوله :( وإنما لم يقل له ) لأنّ الغرض ذكر المقول لا الاقائل ولا المقول له، وتقدير السؤال ما حاله بعدما استشهد، وقوله وكذلك الخ بكاف التشبيه أي هذه الجملة أيضاً مستأنفة استئنافا بيانيا كالتي قبلها في جواب فما قال إذ قيل له ذلك ووقع في نسخة لذلك باللام أي للاستئناف هذا الكلام أيضا ولا يخفى إنه تكلف لحسن الظن بالكاتب دون المصنف. توله :( على دأب الأولياء الخ ) فإنهم مع ما فعلوه به لم يظهر غيظاً بل ترحما وشفقة، وقوله وليعلموا بالعطف بالواو وهو الظاهر إذ لا منافاة بينهما وما وقع من عطفه بأو في بعض النسخ لتباين الغرض فيهما. قوله :( وما خبرية ) أي موصولة والعائد مقدر أي به أي بسببه، أو الذي غفره لي على أنّ غفر بمعنى الغفران


الصفحة التالية
Icon