ج٧ص٢٣٧
الذي غفره لي والمقصود تعظيم مغفرته له فتؤول إلى المصدرية، وهذا هو المناسب لقوله وجعلني من المكرمين لا ما قدره الزمخشري بالذي غفره من الذنوب فإن تمنى علم ذنوبه، وإن كانت مغفورة لا يحسن وكذا عطف قوله وجعلني من المكرمين عليه لا ينتظم، وما قيل من أنّ الغرض! منه الإعلام بعظم مغفرة الله ووفور كرمه وسعة رحمته فلا يبعد حينئذ إرادة معنى الاطلاع عليها لذلك بل هو أوقع في النفس من ذكر المغفرة مجرّدة عن ذكر المغفور لاحتمال حقارته تكلف. قوله :( أو استفهامية جاءت على الآصل ) من عدم حذف ألفها إذا جرت فإنّ اللغة الفصيحة حذفها فرقا بينها، وبين الموصولة واثباتها شاذ، ولذا اعترض ابن هشام على من خرج الآية عليه بأنه غير لائق بفصاحة القرآن الحمل عليه هذا ما قالوه برمتهم، وتحقيقه ما في شرح أدب الكاتب أنها تسقط لما ذكر من الفرق إلا في قولهم بم شئت فإنها لم تثبت عند جميع العرب سواء كانت ما موصولة، أو استفهامية فإن جرت باسم مضاف لم تحذف وخص الاستفهام لأنه اسم تامّ فهي معه كاسم واحد إلى آخر ما فصله اللبلى في شرحه، وقد علم منه أنها قد تثبت في الاستفهام كما ذكره العلامة، وتبعه المصنف فسقط ما اعترض به عليه. قوله :( من بعد إهلاكه أو رفعه ) على
القولين السابقين من قتله ورفعه إلى السماء حيا ففيه مضاف مقدر هو أحد هذين، وقوله كما أرسلنا الخ تمثيل لإرسال الملائكة فلا حاجة إلى جعل الماضي بمعنى المستقبل لأنّ السورة مكية كما قيل نعم قوله لإهلاكهم إمّا تغليب لبدر أو المراد لقصد إهلاكهم، وان لم يقع لأنّ الخندق لم يكن فيه قتال واستحقاو هلاكهم بعدم إنزال جنده وكونه بصيحة واحدة، وقوله إيماء بتعظيم الرسول لتخصيصه بقتال الملائكة معه وحمل الإيماء على الإشعار فعداه بالباء إذ الظاهر اللام أوالي. قوله :( وما صح ) هو أحد معاني ما كان الواردة في القرآن كما مرّ، وقوله وجعلنا ذلك أي إنزال الجند السماوية، وقوله ما موصولة قيل إنها لو جعلت موصوفة كان أحسن لأنّ من قزاد بعد النفي إذا كان مجرورها نكرة، وان كان يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع ولعله وجه تمريضه مع كونه خلاف الظاهر. قوله :( ما كانت الأخذة ) بصيغة المصدر أو اسم الفأعل وعطف المصدر عليه يرجح الأوّل وقدره لقوله أخذتهم الصيحة، وقوله وقرئت أي صيحة بالرفع وكان ينبغي أن لا تلحقه تاء التأنيث لأنه لا يؤنث الفعل إذا كان فاعله مؤنثاً بعداً لا إلا نادراً فلا يقال ما قامت إلا هند بل، ما قام لأنّ تقديره ما قام أحد لكنه قصد به مطابقة ما بعدا لا لأنه الفاعل في الحقيقة كما قرأ الحسن وغيره لا ترى إلا مساكنهم، وقال لبيد :
وما بقيت إلا الضلوع الجراشع
ولذا أنكر أبو حاتم هذه القراءة ولا عبرة بإنكاره على أنّ تقدير المستثنى منه عامّا مؤنثاً ليطابق قراءة النصب لا مانع منه. قوله :( شبهوا بالنار الخ ) ظاهره أنه استعارة بالكناية والخمود تخييلية، ويجوز أن تكون تصريحية تبعية في الخمود بمعنى البرودة والسكون لأنّ الروج لفزعها من الصيحة تندفع إلى الباطن دفعة واحدة، ثم تنحصر فتنطفئ الحرارة الغريزية لانحصارها وقد مرّ كلام الثريف فيه في شرح المفتاح وما عليه وله فتذكره، وقوله كالنار المراد بها الجمر لأنها تطلق عليه والساطع صفتها لتأويلها بالجمر ولذا ذكره لا أنها صفة جرت على غير من هي له أي الساطع لهبها، والساطع بمعنى المشرق وبيت لبيد من قصيدته العينية المشهورة، ويحور
بالحاء والراء المهملتين بمعنى يعود ويرجع ومنه اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور، والشهاب هنا شعلة النار. قوله :( تعالى ( بفتح اللام وسكون الياء ويجوز كسر اللام في لغة ضعيفة كما مرّ وهي في الأصل أمر بالصعود لمكان عال، ثم شاع في الأمر بالحضور مطلقاً كما قال بعض المتأخرين :
أيها المعرض عني حسبك الله تعالى
وقوله فهذه الخ إشارة إلى أنّ نداء الحسرة مجاز بتنزيلها منزلة العقلاء، وقوله وهي أي الأحوال التي تورث الحسرة ما دلت عليه الآية وهو استهزاؤهم بالرسل على أنّ المراد بالعباد مطلق المجرمين أو أهل القرية فالجملة مستأنفة لبيان ما تحسر منه. قوله :( ولقد تلهف الخ ( يعني أنّ التحسر هنا، وقع من هؤلاء والمراد شدة خسرانهم حتى استحقوا أن يتحسر عليهم أهل الثقلين، وقوله ويجوز الخ على أنّ التحسر من