ج٧ص٢٥٠
بتعليم الخ للاسنعانة وجملة ما ينبغي معترضة، وفيه إدماج لا كناية تلويحية وقياس مضمر لردّ قولهم بمعنى أنكم لم تعرفوا منه ذلك ولا سمعتموه منه، وما يأتي به ليس على نهجه ويتوخى بمعنى يقصد، ومبني الشعر ما ذكره ولذا قيل أعذبه أكذبه، ومرادهم من إسناد الشاعرية أنه افترأء وتخيل والشعر يطلق في اللغة على قريب من مصطلح المنطق كما صرح به الراغب فلا يتوهم أنّ ما ذكر اصطلاح المنطقيين كما صرح به بعضهم. قوله :( وما يصح له الشعر الخ ) يعني أن ينبغي مطاوع يبغي بمعنى يطلب، والمراد كما قال ابن الحاجب لا يستقيم عقلا كقوله :﴿ وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴾ [ سورة مريم، الآية : ٩٢ ] لأنه لو كان ممن يقول الشعر والمشاهد خلافه لتطرقت التهمة عقلاَ في أنّ ما جاء به من عند نفسه، ولذا قال ويحق القول الخ لأنه لم يبق إلا العناد الموجب للهلاك فظهر ارتباطه بما قبله وما بعده. قوله :( أنا الن!ئ لا كذب ) إشارة
إلى أنّ صفة النبوّة يستحيل معها الكذب فكأنه قال أنا النبيّ، والنبي لا يكذب فلست بكاذب فيما أقول حتى أنهزم وأنا متيقن أنّ الذي وعدني الله من النصر حق فلا يجوز عليّ الفرار والذي صححه أهل السير أنه قاله يوم حنين، وهو على بغلته الشهباء وأبو سفيان بن الحرث آخذ بزمامها، وقول شراح الكشاف إنه قاله بحنين حين نزل ودعا واستنصر مخالف للرواية وقوله هل أنت الخ قاله النبي ﷺ حين أصاب إصبعه حجر فدميت في بعض غزواته متمثلاَ به فلا ينافي ما قاله ابن هشام في السيرة من أنّ قائله الوليد بن المغيرة في قصة ذكرها، وقيل لابن رواحة رضي الله عنه وأوّله :
يانفس إن لم تقتل قموشي هذاحمام الموت قد صليتي وماتمنيتيه قدأ!يتي أن تفعلي فعلهماهديتي
وهذا هو الذي صححه ابن الجوزي ولم يعزه لرسول الله ﷺ إلا أن يقال إنه تمثل به ولم
يثبت أيضاً. قوله :( اتفاقي من غير تكلف وقصد منه ) خبر لقوله قوله أي النبيّ ﷺ، ودفع لما يرد على قولهم إنه لم يقل الشعر ولا يصح ذلك منه، وقد روي هذا* ونحوه عنه بأن تعريف الشعر لكلام المقفي الموزون على سبيل القصد، وهذا مما اتفق له من غير قصد لوزنه ومثله يقع كثيرا في الكلام المنثور ولا يسمى شعراً ولا قائله شاعرا ولا يتوهم أنّ انتسابه إلى جذه دون أبيه يعلم منه قصده لأنّ النسبة للجذ شائعة، ولأنه كان مشهوراً بينهم بالصدق والشرف والعزة فلذا خصه بالذكر ليكون كالدليل على ما قبله. قوله :( على أنّ الخليل ) ابن أحمد واضع علم العروض ما عد الخ بحور الشعر معروفة، والرجز منها وسمي به لتقارب أجزائه وكثرة تغييراته من ارتجزت الإبل إذا أصابها الرجز وهو داء ترتعش منه، ووزنه مستفعلن ست مرات فإذا حذف من كل مصراع منه جزء مسمى مجزواً فيصير مستفعلن أربع مرات كقوله : ياليتني فيهاجذع أخبّ فيها وأضع
إذا كانا مصراعي بيت وان حذف نصفه سمي مشطورا وإن حذف ثلثاه حتى بقي على
جزأين سمي منهوكا كقوله :
موسى المطر غيث بكر
فقوله :" أنا النبي لا كذب " إن كان نصف بيت فهو مجزوّ وان كان بيتا تامّا فهو منهوك، وقوله :" هل أنت إلا إصبع دميت " الخ إن كان كل منهما بيتا فهو مشطور إلا فهو تام وفيه روايات فقيل الرجز كله ليس بشعر، ولذا يسمى قائله راجزا لا شاعراً، وعن الخليل إنّ المشطور منه والمنهوك ليس بشعر فمراد المصنف بالمشطور ما حذف منه شطر فأكثر فيدخل فيه المنهوك لكنه تسمح فيه وفي كون ما ذكر مشطوراً أو منهوكاً ما عرفت فهو غير متعين. قوله :( حرك الباءين ) أي من كذب والمطلب وأعربهما فلا يكون موزونا، وكذا غير قوله هل أنت الخ فيخرج عن نمط الشعر، وعود الضمير على القرآن لأنه معلوم من السياق، وهو المناسب لما بعده قيل وعليه فيجوز صدور الشعر عنه وتئ ولا يحتاج إلى توجيه وفيه نظر. قوله :( عظة ) فالذكر من التذكير وهو الوعظ، وكتاب سماوي تفسير لقرآن وظاهر الخ تفسير لمبين، وقوله يؤيده الخ لتعين الخطاب للرّسول، وقوله لما فيه من الإعجاز إشارة إلى جواز كون مبين من الإبانة لإظهار إعجازه أنه كلام لله تعالى فتأمّل. قوله :( عاقلاَ فهما ) ففيه استعارة مصرحة بتشبيه العقل بالحياة، والغافل الثاني بالغين المعجمة، وكذا قوله أو مؤمنا لتشبيه الإيمان بالحياة بقرينة