ج٧ص٢٦٢
لتقدير الله له كذلك. قوله :) وما روي الخ ) أي أنه كان إرهاصا إذ قربت أو وقعت ولا دلالة على ما روي في الآثار فإنه وقع في بعضها ما يدل بظاهره على أنّ ذلك إنما وقع في ذلك الزمان مع أنّ المعروف خلافه والآيات دالة على أن حفظ السماء بها لم يحدث بل إن خلقها لذلك فإمّا أن يقال ما روي غير صحيح، أو المراد منه أنه كثر ذلك جدا إذ ذاك، أو أنه صار طاردا للشياطين بالكلية لكن الطعن في صحته غير صحيح
لأنه مروي عن ابن عباس في الصحيحين، وما روي عن الشعبي من أنه لم يقذف بالنجوم حتى ولد ﷺ فلما قذف بها جعل الناس يسيبون أنعامهم، ويعتقون رقيقهم يظنون أنه القيامة فأتوا عبد ياليل الكاهن وقد عمي وأخبروه بذلك فقال انظروا إن كانت النجوم المعروفة من السيارة والثوابت فهو قيام الساعة، والا فهو أمر حدث فنظروا فإذا هي غير معروفة فلم يمض زمن حتى أتى خبر النبي ﷺ لا ينافي ما ذكر كما توهم فإنّ قوله لم يقذف الخ معناه لم يكثر القذف بها فكثرته لأمر أراده الله، وهو حفظ السماء حفظاً كليا وقد قيل إنه يعني أنه لو كان بخاراً لم يختص بزمان فهو مبطل لقول الحكماء ومناف له فيجاب عنه بما ذكر، وقوله حدث بميلاده في المنتظم لابن الجوزي إنه حدث بعد عشرين يوما من مبعثه وهو غير موافق لهذا، وفي السير أن إبليس كان يخترق السموات قبل عيسى عليه الصلاة والسلام فلما بعث عيسى أو ولد حجب عن ثلاث سموات، ولما ولد النبي ﷺ حجب عنها كلها وقذفت الشياطين بالنجوم فقالت قريش قامت الساعة فقال عتبة بن ربيعة انظروا إلى العيوق فإن كان رمي به فقد آن قيام الساعة وإلا فلا قال السهيلي هذا صحيح لكن القذف بالنجوم كان قديما وهو كثير في أشعار الجاهلية ولما جاء الإسلام كثر وشدد، ولذا قال تعالى :﴿ مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ﴾ [ سورة الجن، الآية : ٨ ] ولم يقل حرست وذلك لينحسم أمر الشياطين وتخليطهم، ويصح الوحي فتكون الآية والحجة أقطع وان وجد استراق على الندرة قبل مبعثه وإنما ظهر في بدء أمره إرهاصاً فقد اتفقوا على أنه كان قبله، وإنما شدد في بدء بعثته هذا ما اتفق عليه المحدثون. قوله :( واختلف الخ ( أي هل يلزم من إصابته له إهلاكه أم لا، وقوله فيرجع أي عن الاستراق أو إليه، وقوله لكن الخ بناء على أنه يحترق إذ لو لم يخطئ المرمى ارتدعوا وكفوا عنه رأساً أي بالكلية، وقوله ولا يقال الخ جواب عما يتوهم من أن المخلوق من النار لا تؤذيه. قوله :( فاستخبرهم ا لأن الاستفتاء الاستخبار عن أمر حدث ومنه الفتى لحداثة سنه وأشد يكون بمعنى أقوى وأصعب وبكل منهما فسر هنا، وقوله ما ذكر تفسير لمن خلقنا كما بينه وأراد به ما تقدّم صراحة ودلالة لأنّ تعريف الموصول عهدي في الأصل كما قرّر في شروج الرسالة الوضعية، وعددنا المقروء به في الشواذ روي مخففاً ومشدداً أي من ذكرنا فيما سبق من الآيات وفاء فاستفتهم جواب شرط مقدر أي إذا عرفت ما مرّ والاستفهام تقريري أو إنكاري وفسوه باستخبرهم على الأصل
ولم يذكر الشيطان فيمن خلق لتحقيره أو لدخوله في المسؤولين، وإطلاقه أي عدم بيانه لقرب عهده وسبق ذكره والإشارة لما مرّ وهذا على تفسيره الصافات الخ الأوّل. قوله :( فإنه الفارق الخ ) إشارة إلى عدم ارتضاء تفسيره بالأمم الماضية كما في الكشاف فإنّ ما ذكر ليس فارقا بينهم لاشتراكهم فيه فتعقيبه بقوله إنا خلقناهم من طين لازب يدل على أنه ليس مادّة ما قبله. قوله :( ولأن المراد إثبات المعاد ورد استحالته ) أي عده محالاً وجه آخر لتأييد ما ذكر لترجيح ما فسره به وقوله، وتقريره أي تقرير إثبات المعاد بما ذكر أو ردّ استحالته، وقوله لعدم قابلية المادة الخ بناء على أنّ المعاد هو الأجزاء الأصلية وقوله الحاصل الخ تفسير للازب لأنّ المراد لاصق بعضه ببعض، وهو بامتزاجه بالماء وأصله الثابت أو اللازم كما يقال ضربة لازب. قوله :( والأمر فيه ) أي في خلقهم من طين لا في إثبات المعاد لأنهم ومن قبلهم سواء في إنكاره كما توهم. قوله :( وقد علموا الخ ) جواب عن سؤال مقدر تقديره إنما ينهض ما ذكر لو أقزوا بخلقهم من هذه المادة وهم جهلة معاندون، وحاصله أنه مسلم عندهم أو مشاهد لا يسمع إنكاره فاعترافهم بحدوث العالم مطلقاً، وهو يستلزم الاعتراف بحدوث ما فيه من إنسان وغيره فيلزمهم الاعتراف بما ذكر أو لأنهم لا ينكرون خلق آدم خاصة من الطين إن لم يعرفوا حدوث العالم جميعه


الصفحة التالية
Icon