ج٧ص٣٤٠
عليه، وتركت فاء النتيجة والتفريع، لظهوره وتفويضه للسامع، وقوله فسكتوا سكوتهم عناداً، دمالا فهم يعلمون إن آلهتهم لا تجلب نفعا ولا تمنع ضرّاً، وإنما هي وسائل وشفعاء على زعمهم الفاسد، وقولهم من الأنوثة لظنهم إنها كذلك، وقيل إنه تأنيث لفظيئ، وكمال الضعف لأنه من شأن الإناث.
قوله :( على حالكم الخ ) فشبهت الحال بالمكان القارّ فيه، ووجه الشبه ثباتهم في تلك الحال ثبات المتمكن في مكانه، وأمّا تشبيه المكان بالزمان ففي الشمول والإحاطة، وقراءة الجمع مروية عن عاصم، وليست بشاذة كما يتوهم من ظاهر كلامه، وقد مرّ إنّ المكانة يجوز أن تكون بمعنى التمكن والاستطاعة. قوله :( والمبالغة في الوعيد ) الظاهر إن المبالغة، لأن قوله اعملوا عن مكانتكم تهديد لهم، وقوله إني عامل تعليل له، فكأنه قيل فإني فاعل على حالتي أيضاً، وهذا وعيد وحذف متعلقه فيه مبالغة لاحتمال تقديره بشيء آخر، والإيهام إنه لم يذكر ما يعمله لأنه أمر عظيم، وقوله والإشعار الخ، هذا لا ينافي تقديره على مكانتي، إذ المراد منه مطلق حاله لا حاله التي هي موجودة، والحذف يناسب العموم، فاندفع ما قيل من أن قوله لما فيه الخ، مشعر بأنه ليس المراد إني عامل على مكانتي فكأنهما جوابان، ويحتمل أن يكونا جوابا واحداً، وهو أنّ الغرض من حذفه الاختصار مع عدم الاقتصار، بمعنى إني عامل ما استطعت لا أقف على حالي ومكاني انتهى، وما ذكره أخيراً تعسف فتدبر. قوله :( من يأتيه
الخ ( من يحتمل الاستفهام والموصولية، وقوله دليل غلبته أي في الدارين، فإن وقوعه عاجلا كما وعدهم مصدق للأجل أيضا، وقوله دائم فهو مجاز في الطرف أو الإسناد، وأصله مقيم فيه صاحبه، وقوله بلسانه تقدم في هذه السورة تحقيقه، وقوله وكلت عليهم أي قمت عليهم. قوله :( يقبضها عن الآبدان ) إسناد الموت والنوم هنا إلى الأنفس مجاز عقلي، فإنه حال بدنها لا هي إن أريد بالنفس ما يقابل البدن، فإن أريد جملة الإنسان كما في الكشف فالتجوّز بإسناد ما للجزء إلى الكل، أو في الطرف بجعل يتوفى بمعنى يبطل ويفسد، أو الأنفس بمعنى جزئها. قوله :) وهو غاية جنس الإرسال ( يعني قوله إلى أجل غاية جنس الإرسال الواقع قبل الموت، وليس ذلك المغيا إرسالاً واحداً، وفي بعض النسخ حين الإرسال، قيل ولا محصل له لأنّ المقصود دفع ما يقال، لا معنى لكون الإرسال مغيا بأجل مسمى، وهو إني وقيل إنه يلزم أن لا يقع نوم بعد اليقظة الأولى أصلا، ولو ضمن يرسل معنى يبقى، كانت الغاية بحسبه من غير احتياح إلى تأويله وفيه تأمل. قوله :( نفساً وروحاً بينهما مثل شعاع الشمس الخ ) أي بين النفس والروج شعاع كشعاع الشمس، والنفس يتجلى في الروح ويضيئه، والروح مظهر للنفس ومتجلى لها، بها يستضيء كما أنّ الأجسام المستضيئة مظاهر لشعاع الشمس، ويستضيء منه، قال بعض الحكماء المتألهين : القلب الصنوبري فيه بخار هو حارسه وحجاب عليه، وذلك البخار عرس للروح الحيواني، وحافظ له، وآلة متوقف عليه تصريفه، والروج الحيواني بمظهر البخار عرش، ومرآة للروح الإلهي الذي هو النفس الناطقة، وواسطة بينه وبين البدن، به يضل حكم تدبير النفس إلى البدن، وقوله بها النفس بفتحتين وهو معروف، وقوله قريب خبر قوله ما روي ووجه قربه نسبة التوفي إلى النفس، وأنه أراد بها معنى آخر غير الجملة، ولم يجعله عينه
لما فيه من المغايرة بين الروح والنفس، قال أراد بالنفس ما به العقل والتمييز، وبالروج ما به النفس والحركة، فإذا نام العبد قبض الله نفسه، ولم يقبض روحه، وذكر الطيبي له شاهدا من الحديث الصحيح فتدبر. قوله :( التوفي والإمساك والإرسال ) فالمشار إليه متعدداً فرد لتأويله بما ذكر ونحوه، وصيغة البعيد باعتبار مبدئه أو تقضي ذكره، وقوله لا تفني أي الروج بفناء أبدانها فإنها باقية إلى أن يعيد الله الخلق، وقوله والحكمة معطوف على قوله كيفية تعلقها الخ. قوله :( بل اتخذ قريش الخ ) إشارة إلى أنّ أم منقطعة تقدر ببل والهمزة، وقوله اتخذ بهمزة اسنفهام مفتوحة مقطوعة وبعدها همزة وصل محذوفة، وأصله أأتخذ ومعنى من دون الله من دون رضاه أو إذنه لأنه لا يشفع لديه إلا من أذن له ممن ارتضاه ومثل هذه الجمادات الخسيسة ليست مرضية ولا مأذونة، وفهم هذا أمّا من تقدير مضاف فيه، أو لفهمه من سياقه كما أشار إليه المصنف، ولو لم يلاحظ هذا اقتضى إنّ اللّه شفيع، ولا يطلق ذلك عليه كما مرّ، أو التقدير أم اتخذوا آلهة سواه


الصفحة التالية
Icon