ج٧ص٣٤٨
والزمخشري اقتصر على تفسير واحد وجعله كناية ولا غبار عليه لجواز أن يكون لها مفاتيح، أو خزائن في قبضة قدرته فإن لم يكن ذلك فهو بناء على عدم اشتراط جواز إرادة المعنى الحقيقي، أو هو مجاز متفرع على الكناية وهم يسمونه كناية فإمّا أن يكون الأول كناية اشتهرت فنزلت منزلة مدلوله الحقيقي، وكني به عن معنى آخر فيكون كناية على كناية وقد صرح به بعض المتأخرين أو الأول مجاز كني به بعد التجوّز عن معنى آخر كما مرّ في قوله :﴿ نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٢٢٣ ] فتذكره. قوله :( وفيها مزيد دلالة الخ ) زاد المزيد لأنّ اللام والتقديم دالان عليه بل معناه أيضا صريح في الحصر كما أشار إليه بقوله لأنّ الخزائن الخ، وهو توجيه للكناية أيضا، وقوله وهو جمع الخ بناء على أنه عربي مأخوذ من التقليد بمعنى الإلزام، ومنه تقليد القضاء وهو إلزامه النظر في أموره ومنه القلادة للزومها للعنق فجعله اسم آلة للإلزام بمعنى الحفظ، وإن كان بعيداً وكونه معريا أشهر وأظهر، وهو بلغة الروم إقليدس وكليد واكليد مأخوذ منه لكن جمع إفعيل على مفاعيل مخالف للقياس كما جمع ذكر على مذاكير فقوله على الشذوذ متعلق بقوله جمع وجاء أقاليد على القياس، وقيل إنه لا واحد له، وقوله من قلدته بالتشديد إذ ليس في اللغة قلد بهذا المعنى فمن ضبطه بالتخفيف لم يصب غايته إنه مخالف للقياس. قوله :( وعن عثمان رضي اللّه عنه الخ ( هو حديث ضعيف في سنده من لا يصح روايته وقول ابن الجوزي إنه موضوع غير مسلم وموضوعاته أكثرها منتقدة، وقوله من تكلم بها أصابه ذلك الخير إشارة إلى وجه التجوّز وإطلاق المقاليد على هذه الكلمات بأنها موصولة إلى الخير كما يوصل
المفتاح إلى ما في الخزائن. قوله :( متصل بقوله وينجي اللّه الخ ) أي معطوف عليه لأنّ العطف يسمى، وصلا عند أهل المعاني وجه الاتصال ما بينهما من التقابل، وإن اختلفا اسمية وفعلية كما سيأتي والجملة المعترضة قول الله خالق الخ، ولما كانت الجملة المعترضة تؤكد ما اعترضت فيه بين ذلك بقوله لأنه مهيمن أي مراقب لهم ومجاز على ما يطلع عليه منهم، وهذا يقوي ثواب المؤمنين وفلاحهم وعقاب الكفرة، وخسرانهم ولكون الاعتراض يفيد التأكيد سقط ما يتوهم من أنه لا داعي للفصل بينهما. قوله :( وتغيير النظم الخ ( ليس المراد بتغيير النظم العدول عن الفعلية إلى الاسمية كما توهم، وان كان لا بد له من نكتة أيضاً وفيما ذكر إشارة ما لها بل إنه لما كان نكتة العطف تقابلهما وتضاذهما كان مقتضى الظاهر أن يت!ال ويهلك الذين كفروا بخسرانهم فعدل عنه لما ذكر من أنّ العمدة في فوز المؤمنين فضله تعالى فلذا جعل نجاته مسندة له تعالى حادثة لهم يوم القيامة ثابتة قبل ذلك بالاستحقاق، والأعمال بخلاف هلاك الكفرة فإنهم قدموه لأنفسهم بما اتصفوا به من الكفر والضلال فلذا لم يسنده له تعالى، ولم يعبر عنه بالمضارع أيضا والتصريح بالوعد من قوله : ننجي الخ ظاهر والتعريض بكونهم خاسرين فإنه لم يقل هالكون، ولا معذبون ونحوه فسقط ما قيل التصريح، والتعريض يحصل إذا قيل الله ينجي الخ وخسر الذين كفروا الخ فلا يتم ما جعل علة للتغيير، وقوله : قضية للكرم منصوب على أنه مفعول له وفي نسخة للكرام. قوله :( أو بما يليه ( معطوف على قوله بقوله أي متصل بما وقع قبله من غير فاصل كما في ذلك الوجه، وهو قوله :﴿ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ الخ وقيل على قوله مقاليد وقيل على مقدر تقدير. فالذين اتقوا هم الفائزون والذين كفروا، وقوله والمراد الخ قيل إنه مبنيّ على الوجه الثاني وفيه نظر، وقوله وتخصيص الخسار كما يفيده تعريف الطرفين وضمير الفصل المفيدين للحصر لكنه باعتبار النهاية والكمال لا باعتبار مطلق الخسران فإنه لا يختص بهم ويجوز أن يكون قصر قلب فإنهم يزعمون المؤمنين خاسرين. قوله :( أفغير الله أعبد الخ ا لو أسقط الفاء كان أولى فغير مفعول مقدم لاعبد، وقوله بعد هذه الدلائل من فاء التعقيب الداخلة على غير وهذا على القول بعدم تقدير معطوف عليه فإن قيل : بتقديره فهذا معلوم من ذكره بعده والمواعيد ما بشر به المتقون وأنذر به الكافرون، وتعقيب الأمر لأنّ المراد به الأمر بالعبادة فتعقيب المأمور به يستلزم تعقيبه والا فهذا غير لازم في كل
اعتراض ضاهاه، وليس هذا من كون جملة تأمروني حالاً من فاعل أعبد كما توهم مع ما قيل إنه مرجوح لأنّ الإنكار ينصب على القيد فيوهم أن عبادة غير الله ليست منكرة مطلقاً بل من حيث أمرهم بها، وقوله : استلم أي قبل أمر من الاستلام، وهو التقبيل