ج٧ص٣٦٩
وما تحتمل الموصولية والمصدرية، وليس فيهما يخفى على ناظر فيه. قوله :) وما أعلمكم إلا ما علمت ( لما جعل ما أريكم إلا ما أرى بمعنى ما أشير عليكم إلا ما هو صواب عندي من الرأي فسر هذا بما ذكره لأن الهداية الدلالة إلى ما يوصل، وهي الإعلام بطريق الصواب التي يعلمها المعلم بها أو بالصواب نفسه فلا يتوهم أنّ هذا التفسير لم يذكر في محله وكان ينبغي تقديمه، وجعله تفسيراً لما أريكم إلا ما أرى كما في الكشاف إشارة إلى أن الرؤية إمّا من الرأي أو علمية أو تأخيره عن قوله إلا سبيل الرشاد نعم لو أتى به كما ذكر كان له وجه فلعمري لقد استسمن ذا ورم. قوله :) وقلبي ولساني الخ ( إشارة إلى أنّ ما اختاره من أنّ الرؤية من الرأي وإنّ الهداية الدلالة، والإعلام بالقول أرجح مما عداه إذ به تدل الجملتان على تواطؤ القلب، واللسان فينتظم تأسيس ا امملام أحسن انتظام فمن ادعى خلل ترتيبه، لم يقف على مراده. قوله :( فعال للميالغة الخ ( يعني إن هذه الصيغة للمبالغة، وقد تثبت من الثلاثي من باب فعل بكسر العين وفعل بفتحها ولهـ٣ تجيء من المزيد إلا في ألفاظ نادرة وردت على خلاف القياس، وهي دراك من أدرك وقصار من أقصر عن الشيء وجبار من أجبر وسآر من أسأر مع أنه ثبت في بعضه سماع الثلاثي، وجوّز تجريده من الزوائد تقريبا له من القياس، وقد سمع جبره فقوله كجبار بناء على المشهور ورشد ورشد بمعنى اهتدى، وما قيل المعنى على أنه صيغة مبالغة من الإرشاد إذ المعنى سبيل من كثر إرشاده غير مسلم بل المراد سبيل من اهتدى، وعظم رشده ولا حاجة إلى أن يقال من رشد أرشد فاكتفى بالسبب عن المسبب أو المبالغة في الرشد تكون بالإرشاد كما قيل في طهور وقيوم فإنه إذا قيل إلا سبيل من اهتدى كان في غاية من السداد، والله الهادي إلى سبيل الرشاد فقوله : سماعي يحتمل أن فعالاً من المزيد سماعي أو صيغة فعال مطلقاً سماعية كما قيل. قوله :) أو للنسبة ( أي يكون فعال في هذه القراءة للنسبة كما قالوا عواج لبياع العاج، وبتات ليباع البت وهو كساء غليظ، قيل طيلسان من خز أو صوف. قوله :) يعني وقائعهم ( أي المراد بالأيام الوقائع فإنها كثر
استعمالها بمعناها حتى صار ذلك حقيقة عرفية والوقائع جمع وقيعة بمعنى الحرب أو واقعة بمعنى النازلة الشديدة، وليس في المقام والاستعمال إباء عنه كما قيل ولو أبقى على معناه المتبادر منه قدر فيه مضاف أي مثل حادث يوم الخ ولكل وجهة. قوله :( وجمع الأحزاب مع التفسير أغنى عن جمع اليوم ) دفع لأنه سواء كان على ظاهره أو بمعنى الوقائع فالظاهر جمعه بأنّ الإضافة لها معان كاللام فإذا أريد الجنس أفاد ما يفيده الجمع والقرينة عليه إضافته لأنه لا يكون للأحزاب يوم واحد بمعنييه، وتفسيره بما بعده معين له والمرجح له خفة لفظه واختصاره وليس هذا من الاكتفاء بالواحد عن الجمع، وقال الزجاج : المراد بيوم الأحزاب حزب حزب بمعنى أن جمع حزب مراد به شمول أفراده على طريق البدل فأوّل الثاني، وهو معنى آخر ومنه يعلم أنّ التكرار يكون في معنى الجمع كبابا باباً وعكسه فاحفظه. قوله :( مثل جزاء ما كانوا عليه الخ ( يعني أنّ فيه مضافا مقدرا ودأبهم عادتهم الدائمة ودأب يكون بمعنى دام، وإنما قدره لأنّ المخوف في الحقيقة جزاء العمل لا هو ودائبا خبر سببيئ لكان أو حال من المجرور، والأوّل أنسب بما في النظم كما قيل والإيذاء بمعنى الأذى صحيح كما أثبته الراغب فلا عبرة بإنكاره كما مر تفصيله. قوله تعالى :( ﴿ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ ﴾ ( أي بأن يظلمهم بنفسه أو يظلم بعضهم بعضا ومذهب الأشاعرة أنه لا يتصوّر الظلم منه تعالى لأن الكل ملكه كما مر في سورة آل عمران فهو إما على مذهب الماتريدية من أنه لا يفعله بمقتضى حكمته أو المراد بالظلم ما يشبهه، ويكون على صورته كما مر في العنكبوت وهو الأولى. قوله :) أو لا يخلى الظالم منهم بغير انتقام ) من التخلية أي لا يتركه سالماً عن الانتقام منه لأنه إذا لم يرد تركه لم يتركه إذ لا يجري في ملكه إلا ما يشاء فلا يتجه عليه أن تفريعه على النظم لا يتأتى على مذهب أهل السنة لاقتضائه أنه لا يريد ظلم بعضهم لبعففلا يقع إذ لا يجري في ملكه إلا ما يشاء إذ الاقتضاء ممنوع، وإنما يريد الظلم منهم ابتلاء لهم، واظهاراً للمطيع من العاصي كما في سائر التكاليف فلا حاجة إلى جعل الإرادة مجازاً عن الرضا حتى يرد عليه ما يرد وفي الكشات يعني أنّ تدميرهم كان عدلاً لأنه لا يريد ظلما ما لعباده، ويجوز أن يكون معناه كمعنى قوله :﴿ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ﴾ [ سورة الزمر، الآية : ٧ ] أي لا يريد لهم أن يظلموا فدمرهم لأنهم كانوا ظالمين فالمعنى على الأوّل كونهم مظلومين


الصفحة التالية
Icon