ج٧ص٣٧٧
إن كان تدارك مصدار فهو معطوف عليه ويجوز عطفه على الأولى، وقوله : بالاستغفار بتدارك وقوله : فإنه تعالى كافيك الخ تعليل لما قبله من قوله : أقبل الخ ولا ينافي ما ذكر كونه تعليماً لأمّنه. قوله :( ودم على التسبيح الخ ) يعني بالعشيّ، والإبكار كناية عن دوام تسبيحه كما يقال بكرة وأصيلا وقد مرّ مثله وتحقيقه أو هو تخصيص للوقتين على أن المراد بالتسبيح الصلاة بناء على ما ذكره والقائل بعدم فرض الصلوات الخمس بمكة الحسن لا غير، وقد مرّ في الروم أنه يقول كان الواجب ركعتين في أفي وقت اتفق وكله مخالف للصحيح المشهور فيجوز أن يراد الدوام، ويراد بالتسبيح الصلوات الخمس ولذا ذهب الحسن رحمه الله بناء على مذهبه إلى أن هذه الآية مدنية على التخصيص يجوز إرادة التسبيح بمعناه الحقيقي أيضاً. قوله :( عام في كل مجادل مبطل ( البطلان مأخوذ من كونه بغير سلطان أي حجة، وقوله : وان نزل الخ لأنّ السبب لا يخصص ومن قال : نزلت في اليهود يجعلها مدنية كما مرّ، وقوله : حين قالوا الخ المراد بصاحبنا النبيّ المبشر به في الثوراة فالإضافة فيه لأدنى ملابسة، والمسيح ابن داود والدجال لأنه من اليهود كما ورد في الأحاديث ويسمى المسيح بالحاء المهملة فقيل : لشؤمه لأنه يطلق المسيح على من فيه شؤم وقيل لكونه أعور والمسيح هو من مسح وجهه بأن لم يبق في أحد شقيه عين ولا حاجب كما في كتاب العين، ونقل ابن مأكولا عن الصوري أنّ المسيح بالحاء المهملة عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وأمّا اسم الدجال فهو مسيخ بالخاء المعجمة من المسخ. قوله :( إن في صدورهم ( أي في قلوبهم فأطلقت عليها للمجاورة والملابسة، وقوله : أو إرادة الرياسة تفسير للكبر معطوف على قوله : تكبر فيكون
مجازاً عنه لما بينهما من التلازم، وقوله : أو أنّ النبوّة الخ معطوف على الرياسة بأو العاطفة، وقوله : ببالغي دفع الآيات فالضمير عائد إليه لفهمه من المجادلة إذ هو المقصود منها والجملة مستأنفة على هذا فإن كان الضمير للمراد جاز ذلك وكونه صفة كبر أيضا، وقوله : إنه الخ تعليل للأمر قبله. قوله :( فمن قدر على خلقها ( أي خلق هذه الأجرام العظيمة وفي نسخة خلقهما وهما بمعنى، وقوله : من غير أصل أي مادة ونحوها، وهو تفسير لقوله : أوّلا أي ابتداء، وقوله : من أصل بناء على أنه ليس بمعدوم الأصل والمادة ولو عجب لذنب الذي منه يخلق خلق النخلة من النواة. قوله :( لا شكل ما يجادلون فيه من أمر التوحيد ( وفي نسخة بأمر التوحيد بالباء بدل من والمقصود كما صرّح به الزمخشريّ بيان اتصال هذه الآية بما قبلها لأنه لما ذكر قبله التوحيد وما يثبته ونعى على المشركين شركهم، ثم فذلك قبيل هذه الآية بأق مجادلتهم كلها إنما دعاهم لها التكبر بغير حق، والطمع فميا لا ينالونه عقبه بما ذكر مما يثبت أمر البعث كما في قوله :﴿ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم ﴾ [ سورة يس، الآية : ٨١ ] الآية لأنّ اللازم بعد الإيمان باللّه ووحدانيته معرفة أمر المبدأ والمعاد هذا ما أراده بلا مرية لك الكلام في عبارته، أمّا على نسخة الباء فهو واضح لأن أشكل بمعنى أشبه كما تقول هذا من أشكاله أي أشباهه وإضرابه وهي متقاربة المعنى يعني إنه شيء بأشبه شيء بأمر التوحيد، وأقربه في كثرة المجادلة في شأنه وكونه من ألزم اللوازم معرفته وعلى النسخة الأخرى فأشكل بمعناه السابق أيضاً لكنه ضمن معنى أقرب فتعلقت من به بهذا الاعتبار وهذا أصح مما قيل إن من متعلق بأشكل والمعنى إنه أصعب من أمر التوحيد في مجادلتهم فإنه ظاهر لا يحتاج لبيان بطلان مجادلتهم فيه بخلاف هذا فلذا خص بالبيان، وأمّا ما قيل إنّ معنى الآية خلق هذه الأمور أكبر من خلقهم فما بالهم يجادلون، ويتكبرون على خالقهم فقليل الفائدة والجدوى. قوله : الأنهم لا ينظرون الخ ( إشارة إلى ما ذكره الراغب في الغرة من أنّ ما قبله لما كان لإثبات البعث الذي يشهد له العقل ناسب نفي العلم عن الناس ممن كفر به لأنهم لو كانوا من العقلاء الذين من شأنهم التدبر والتفكر فيما يدل عليه لم يصدر عنهم مثله، ولذا لم يذكر له مفعولاً لأنّ المناسب للمقام تنزيله منزلة اللازم. قوله :( الغافل والمستبصر ( يعني أن الوصفين المذكورين مستعاران لمن غفل عن معرفة الحق في مبدئه، ومعاده ومن كان له بصيرة في معرفتهما ولذا قدم الأعمى لمناسبته لما قبله من نفي النظر، والتأمّل وقدم الذين آمنوا لمده لمجاورة البصير، ولشرفهم وفي مثله ظرف أن يجاور كل ما يناسبه كما هنا وأن يقدم ما يفايل الأوّل ويؤخر ما يقابل الآخر كقوله :﴿ { وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ﴾


الصفحة التالية
Icon