ج٧ص٣٧٨
وأن يؤخر المتقابلان كالأعمى والأصئم والبصير والسميع والكل جائز وأما تفسيره بالصنم والله كما مرّ في سورة فاطر فغير مناسب هنا. قوله :) والمحسن والمسيء ( الأوّل تفسير للذين آمنوا ولذا قابله بالمسيء فعدل عن التقابل الظاهر إشارة إلى أنهم علم في الإحسان ففيه لف ونشر لما قبله غير مرتب، وقوله : فينبغي أن يكون الخ إشارة إلى أن المقصود من عدم استوائهما ليس تفاوت حالهم في الدنيا بل في دار الجزاء بعد البعث لأنه لو لم يكن ذلك كان خلقهما عبثا منافياً لحكمة الصانع الحكيم، ولذا ذكره بعد الحجة على المعاد وعقبه بقوله : قليلا ما يتذكرون. قوله :) وزيادة لا في المسيء الخ ( ليس المراد إنها زائدة رأسا بل إنها أعيدت تذكيراً للنفي السابق لما بينهما من الفصل بطول الصلة لأنّ المقصود بالنفي إنّ الكافر المسيء لا يساوي المؤمن المحسن وذكر عدم مساواة الأعمى للبصير توطئة له، ولو لم يعد النفي فيه ربما ذهل عنه وظن أنه ابتدأ كلام ولو قيل : ولا الذين آمنوا والمسيء لم يكن نصاً فيه لاحتمال أنه مبتدأ قليلا ما يتذكرون خبره وجمع على المعنى فما قيل من أن المقصود نفي مساواته للمحسن لا نفي مساواة المحسن له إذ المراد بيان خسارته فلذا اكتفى بالنفي السابق في الذين آمنوا فيه أن المراد نفي المساواة من الطرفين فتأمل. قوله :( والعاطف الثاني عطف الموصول الخ ( إشارة إلى أنّ المراد عطف المجموع على المجموع كما في قوله هو الأوّل والآخر والظاهر، والباطن ولم يترك العطف بينهما لأنّ الأوّل مشبه به والثاني مشبه فهما بحسب المآل متحدان فكان ينبغي ترك العطف بينهما لأنّ كلاً من الوصفين مغاير لكل من الوصفين الآخرين وتغاير الصفات كتغاير الذوات في صحة التعاطف كما مرّ ووجه التغاير أنّ الغافل والمستبصر والمحسن، والمسيء صفات متغايرة المفهوم بقطع النظر عن اتحاد ما صدقها، وعدمه ولا حاجة إلى القول بأن القصد في الأوّلين إلى العلم وفي الآخرين إلى العمل، وقوله : أو الدلالة بالصراحة الخ هذا بناء على اتحادهما في الما صدق ولكن لما بينهما من التغاير الاعتباري إذ أحدهما صريح والآخر مذكور على طريق التمثيل عطف وفيه نظر لأنه لو اكتفى بمجز هذه المغايرة لزم جواز عطف المشبه على المشبه به وعكسه. قوله :( تذكر إئا قليلاَ ) يعني أنّ نصبه ونه صفة مصدر مقدر، وقوله : على تغليب المخاطب الخ الظاهر جريانه على الوجهين لأن بعض الناس أو الكفار مخاطب هنا والتقليل أيضاً يصح إجراؤه على ظاهره لأن منهم من يتذكر ويهتدي لإسلامه وجعله بمعنى النف على كونه ضمير الكفار أولى كما أنه على حقيقته إذ رجع للناس،
وأمّا تخصيص التغليب بما إذا رجع للناس والالتفات بما إذا رجع للكفار فلا وجه له وفي الالتفات إظهار للعنف لأنّ الإنكار مواجهة أشد ولذا قيل :
لقدأجلك من يرضيك ظاهره وقدأضاعك من يعصيك مستترا
فهو أبلغ من التغليب فمن قال إنّ هذه النكتة توجد في التغليب مع التعميم فيكون أبلغ لم
يميز وجه الأبلغية فيه حتى يعرف جريانهما فيهما، والظاهر أنّ المخاطب من خاطبه تخييه من قريش فمن قال المخاطب النبيّ ﷺ لقوله :" فاصبر " ولا يناسب إدخاله فيمن لم يتذكر فقدمها، وأمر الرسول بتقدير قل قبله فلا يكون التفاتا. قوله :( لوضوح الدلالة الخ ( وما ذكر ينفي الريب والشبهة لأنّ ما دل البرهان الواضح على جوازه كما مرّ مرارا من الآيات وأجمع على وقوعه الرسل عليهم الصلاة والسلام، لا ينبغي لعاقل الشك فيه وقوله يحسون به أي يدركونه بالحواس الظاهرة وعداه بالباء لأنه بمعنى الشعور. قوله :( اعبدوتي ( فسر الدعاء بالعبادة والاستجابة بالإثابة واطلاق الدعاء على العبادة مجاز لتضمن العبادة له لأنه عبادة خاصة أريد به المطلق وجعل الإثابة لترتبها عليها استجابة مجازاً أو مشاكلة وإنما أوّل به لأنّ ما بعده يدل عليه إذ لو أريد ظاهره قيل :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي ﴾ ليحسن الاستئناف التعليلي فلزم إمّا جعلى ادعوني بمعنى اعبدوني أو عبادتي بمعنى دعائي واختار تأويل الأوّل قبل الحاجة إليه لأن المقام يناسبه الأمر بالعبادة، ومعنى صاغرين أذلاء. قوله :) كان الاستكبار الصارف عنه الخ ( أي نزل الاستكبار عن العبادة الصارف عن الدعاء لأنّ من استكبر عن عبادة الله كان كافراً، ولا يدعوالله مثله فنزل الاستكبار عن العبادة


الصفحة التالية
Icon