ج٧ص٣٩٣
بأن المراد بالمجيء إيمانهم به فمن بين أيديهم الخ حال من الرسل لا متعلق بجاءتهم، وقوله : ويحتمل أن يكون عبارة عن الكثرة قيل : إنّ هذا هو بمعنى الوجه الذي قبله إذ لم يرسل إليهم غير هود، وصالح فيكون المراد من بلغهم خبرهم ومن أتاهم منهم إلا أن الفرق بينهما أنه على هذا كناية عن الكثرة، وما قبله على الحقيقة كما قيل، وفيه نظر فلعله على الأوّل مجاز في جاءتهم وعلى هذا هو مع ذلك المجاز فيه كناية، وقيل المراد بالرسل ما يعم رسل الرسل. قوله :) بأن لا تعبدوا الخ ) إشارة إلى تقدير حرف جرّ متعلق بجاءتهم وان مصدرية ولا ناهية، وهي قد توصل بالنهي كما توصل بالأمر على ما فيه مما مز غير مرّة، وقيل إنها مخففة من الثقيلة، ومعها ضمير شأن محذوف وأورد عليه إنها إنما تقع بعد أفعال اليقين، وإن خبر باب أن لا يكون طلباً إلا بتأويل وقديدفع بأنه بتقدير القول وان مجيء الرسلك الوحي معنى فيكون مثله في وقوع أن بعده لتضمنه ما يفيد اليقين كما أشار إليه الرضى وغيره. قوله :) أو أي لا تعبدوا ( يعني إنها مفسرة لمجيء الرسل لأنه بالوحي وبالشرائع فيتضمن معنى القول، وقد جوّز على الوجه السابق كون لا نافية. قوله :( لو شاء ربنا الخ ) كون مفعول المشيئة المحذوف بعد لو الشرطية يقدر من مضمون الشرط ليس بمطرد فقد يقدر من غيره كما قدره المصنف إذ لو جعل على النهج المعروف، وقدّر لو شاء ربنا إنزال الملائكة لأنزل ملائكة لم يكن له معنى لائق بالمقام، وقيل في توجيهه إنه جار على القاعدة فإن مآل التقدير فيه إلى لو شاء ربنا الإرسال لأرسل ملائكة، وقوله : برسالته يشير إليه وهو وجه حسن. قوله :( فإنا بما أرسلتم الخ ) الفاء إن كانت فاء النتيجة السببية فيكون في الكلام إيماء إلى قياس استثنائيّ أي لكنه لم ينزل، ويجوز أن تكون تعليلية لشرطيتهم أي إنما قلنا ذلك لأنا منكرون لما أرسلتم به كما ننكر رسالتكم وما موصولة، وكونها مصدرية وضمير به لقولهم لا تعبدوا إلا اللّه خلاف الظاهر. قوله :( على زعمكم ( بالزاي المعجمة والعين المهملة زاده دفعاً لما يتوهم من التناقض لأن قولهم بما أرسلتم به إقرار برسالتهم، وقوله : كافرون جحد لها فكان مقتضى الظاهر بما اذعيتم أو بما جئتم به لكنهم أتوا به على زعمهم إظهاراً لعنادهم وتعنتهم كما أشار إليه المصنف. قوله :) إذ أنتم الخ ( تعلل لكفرهم وبيان لارتباطه بما قبله، وقوله : فأمّا عاد الفاء تفصيلية ولتفرّع التفصيل على الإجمال قرن بفاء السببية، وقوله : اغتراراً بقوّتهم وشوكتهم فالاستفهام إنكاريّ مآله النفي، وإنه لا أشد
منهم وهذا بيان لاستحقاقهم العظمة وجواب للرسل عماخوّفوهم به من العذاب، وقوله : ينزع الصخرة أي يقلعها فالمراد يريد نزعها ليصح ما فرعه عليه، ويجوز أن يكون تفسيرا له فإن كانت العبارة فيفلقها بفاء وقاف أي يكسرها ويفتتها فلا حاجة للتأويل وهو أقرب. قوله :) أو لم يروا الخ ( لما ذكروا قوّتهم في جواب الرسل، وتخويفهم لهم رد عليهم بما ذكره إيماء إلى اًن ما خوّفهم به الرسل ليس من عند أنفسهم بناء على قوّة منهم، وإنما هو من الله خالق القوى والقدر وهم يعلمون إنه أشد قوّة منهم، وقوله : قدرة فسر القوّة بالقدرة كما قال الراغب : القؤة تكون بمعنى القدرة وتكون بمعنى التهيؤ للشيء كما يقال النواة بالقوّة نخلة، وقدرة الإنسان هيئة يتمكن بها من فعل شيء قا، واذا وصف الله بها فهي بمعنى نفي العجز عنه فلا يوصف بها على الإطلاق غيرد تعالى انتهى فلا وجه لما قيل إن القوّة عرض ينزه الله عنه لكنها مستلزمة للقدرة فلذا عبر عنها بالقوّة مشاكلة، وقوله : قادر بالذات بيان للأشدية فإن ما يكون بالذات أقوى من غيره، وقدرة البشر غير مؤثرة أو تؤثر بالاستناد لقدرة الله تعالى. قوله :) مقتدر على ما لا يتناهى ( قال الراغب : القدير الفاعل لما يشاء على قدر ما تقتضيه الحكمة بلا زيادة ولا نقصى والمقتدر يقاربه لكنه قد يوصف به البشر، ومعناه المتكلف والمكتسب للقدرة فإذا استعمل في الله فهو مبالغة في القدرة الكاملة كالقدير، وهذا وجه آخر للأشدية إشارة إلى قوّة مدرته كيفما وكما. قوله :( يعرفون الخ ( لأن الجحد الإنكار عن علم وقد يرد لمطلق الإنكار، وقوله : وهو عطف الخ أو على قالوا فجملة أولم يروا اعتراضية، والواو أعتراضمية أو عاطفة على مقدر، والمعطوف والمعطوف عليه مجموعهما اعتراض، وقوله : من الصرّ الخ بكسر الصاد ويجوز كونه من الصرّ بالفتح بمعنى الحز لأنه روي أنهم أهلكوا أنفسهم بالسموم، وهو مناسب لديار العرب وقوله : يجمع أي لشدة البرد يجتمع ظاهر جلد الإنسان وينقبض.


الصفحة التالية
Icon