ج٧ص٣٩٥
حبس أوّلهم إمساكهم حتى يجتمعوا فيساقوا إلى النار، وقوله : وهو عبارة عن كثرة أهل النار أي كناية عن ذلك إذ لو لم يكونوا جمعا كثيرا جدا لم يحبس أوّلهم انتظارا لمجيء آخرهم فذكر هنا للدلالة على ما ذكر ولولاه لم يكن تحته فائدة عظيمةء
قوله :( ما مزيدة لتثيد اتصال الشهادة الخ ( لأنها تؤكد ما زيدت بعده فهي تؤكد معنى إذا
واذا دالة على اتصال الجواب بالشرط لوقوعهما في زمان واحد، وهذا مما لا تعلق له بالعربية حتى يقال إنّ النحاة لم يذكروه كما قيل وأكد لأنهم ينكرونه، وقوله : شهد الخ قيل فيه إيجاز حذف والأصل سئلوا فأنكروا فشهد الخ، واكتفى عنه بذكر الشهادة لاستلزامها لما ذكر لا يقال هذا ينافي ما مرّ من الاتصال المؤكد لأنا نقول يكفي لذلك الاتصاف وقوعهما في مجلس واحد
فلا حاجة إلى ما قيل إنه يقدر هكذا إذا جاؤوها وأنكروا بعد السؤال شهد الخ. قوله :( بأن ينطقها الخ ) فهو على ظاهره وحقيقتة أو المراد ظهور علامات على الأعضاء دالة على ما كانت متلبسة به في الدنيا بتغيير أشكالها، ونحوه مما يلهم الله من رآه إنه صدر عنه ذلك لارتفاعه الغطاء في الآخرة فالنطق مجاز عن الدلالة، والجلود قيل المراد بها الظاهر، وقيل الجوارج وقيل هي كناية عن الفروج، فإن قلت على كل حال الشاهد أنفسهم وهي آلات كاللسان فما معنى شهدتم علينا قلت : قال المحقق في شرحه ليس المراد هاذ النوع من النطق الذي ينسب حقيقة إلى الجملة، ويكون غيره آلة بلا قدرة وارادة له في نفسه حتى لو أسند إليه كان مجازا كإسناد كتب العلم بل على أنّ الأعضاء ناطقة حقيقة بقدرة وارادة خلقهما الله فيها، وكيف لا وأنفسهم كارهة لذلك منكرة له إلا أن يقال : إنه نفسه لا يقدر على دفع كونها آلات، ويؤيده قوله عليهم فإن فيل : أنطقنا الله إنما يصلح جوابا عن كيف شهدتم لا عن لم شهدتم، قيل : قد دل الجواب على أنّ المعنى لأيّءكللة وبأيّ موجب شهدتم فيصلح ما ذكر جوابا له وخصت الجلود دون السمع والبصر لأنها أعجب إذ ليس شأنها الإدراك بخلافهما، وقيل : إنما خصت لأنها بمرأى منهم مشاهدة لا لما مرّ لأنّ في الجلود قوّة مدركة أيضا وهي اللامسة، وهي مشتملة أيضاً على الذائقة وكل منهما أهمّ وأعتم، وهذا أيضاً يصلح وجهاً للتخصيص وفيه تعكيس عليهم إذ تضرّروا مما يرجون منه أكمل النفع ولا يخفى ما فيه إذ الظاهر إن رده على المحقق لم يصادف محزه إذ ليس المراد مما ذكره من أنها ليس من شأنها الإدراك إلا إدراك أنواع المعاصي التي شهد عليها كالكفر والكذب والقتل، والزنا والربا مثلا وادراك مثلها منحصر في السمع والبصر كما لا يخفى فتدبر. قوله :( سؤال توبيخ ) هو على التفسير الأول من أنه نطق حقيقي إذ خلق فيها الإدراك، وقوّة النطق فكانت قابلة للتوبيخ أيضا، وأما التعجب فهو على الثاني أو عامّ لهما. قوله :) ولعل المراد به نفس التعجب ( هذا على الوجهين أيضا لا على الثاني كما توهم إذ لا وجه للتخصيص بلا مخصص يعني لا قصد هنا للسؤال أصلاً، وإنما قصد به ابتداء التعجب لأن التعجب يكون فيما لا يعلم سببه وعلته فالسؤال عن العلة المستلزم لعدم معرفتها جعل مجازاً أو كناية عن التعجب لأنه قيل : إذا ظهر السبب بطل العجب، وقوله : ما نطقنا باختيارنا بناء على أنه سؤال توبيخ، وقوله : أوليس الخ بناء على أنه سؤال تعجب أو تعجب رأسا وكون النطق بغير اختيار على كونها آلات ظاهر أمّا على أنه خلق فيها قدرة وارادة كما مرّ فبأن يكون ذلك بجبر من الله بتسخيرها لما أراده منها، ولا ظلم فيه لأنه جبر على إظهار ما تقرّر قبل للإلزام. قوله :( الذي أنطق كل حيئ ) وفي نسخة شيء بدل حي وفي نسخة
كل شيء نطق بالتوصيف، وهي الصواب كما قيل ويدل عليه قوله : بعد بقي الشيء عامّا فإنه يقتضي تخصيصه قبله بها، ويشير إلى أن صفته المخصصة مقدرة ولا بد منه إذ ليس كل شيء أوحى ينطق بالنطق الحقيقي، ولذا قال ولو الخ وكذلك لو كان النطق ولاجواب بمعناه الحقيقي وحمل النطق في قوله الذي أنطق كل شيء على الدلالة فإنه يجوز فيه ذلك فيبقى على عمومه أيضاً، ويكون التعبير بالنطق للمشاكلة كما قيل لكن المصنف لم يلتفت إليه، لأنه خلاف الظاهر والموصول المشعر بالعلية يأباه إباء ظاهراً فتأمل، وقوله في الموجودات لأنّ المعدومات لا تدرك حتى تدل بالحال ولذا قال : الممكنة فتدبر. قوله :) تمام كلام الجلود ( ومقول القول أو مستأنف من كلام الله تعالى والمراد على كل حال تقرير ما قبله بأنّ القادر على الخلق أوّل مرة قادر على إنطاق كل شي.


الصفحة التالية
Icon