ج٧ص٥٠
طائر سانحا وهو ما وليه بميسرته أو بارحاً وهو ما وليه بميمنته تيمنوا بالأوّل وتشاءموا بالثاني، ونسبوا الخير والشر إلى الطائر، ثم استعير لما كان سببهما من قدر الله وقسمته، أو من عمل العبد الذي هو سبب الرحمة والنقمة ومنه طائر الله لا طائرك، فقوله سببكم مبتدأ والذي خبره والمراد سبب تشاؤمكم ما ذكر لا نحن فالحصر إضافيّ، وقوله وهو راجع إلى سببكم، وقدر بفتحتين أي ما قدره لله وذكر الشر دون الخير لأنه المناسب وقد يفسر بأنه في علمه وهو قريب منه.
قوله :( تختبرون الخ ) تفسير لتقتنون لأنّ أصل معنى الفتنة تصفية الذهب من الغش كما
مرّ، وقد يفسر بالتعذيب أو وسوسة الشيطان بالطيرة. قوله :( تسعة أنفس ) أي تسعة أشخاص لأنّ النفس تكون بمعنى الشخص فتذكر كما في المصباح فلا يرد الاعتراض عليه بأنه مؤنث فكان الظاهر رجال بدله مع أنّ تأنيثه لفظي سماعي، والمذكور في النظم رهط وهو مذكر فلا يضر تفسيره به، وإنما اختاره لأنّ مثله من العدد يضاف لجمع القلة كما أشار إليه بقوله باعتبار المعنى بعده وليس المراد أنّ الرهط بمعنى النفس بل أنّ التسع من الأنفس هي الرهط فتدبر ٠ قوله :( وإنما وقع تمييزا للتسعة ) لأنّ العدد يضاف لتمييزه إذا كان جمع قلة فميا دون العشرة فإذا ذكر بعده اسم جمع فالقياس جرّه بمن كخمسة من القوم قال تعالى :﴿ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ ﴾ [ سورة البقرة، الآية : ٢٦٠ ] فإضافته إليه كما هنا نادرة ولذا صرحوا بأنه لا يقال ثلاثة قوم لكنه لما كان بمعنى جمع القلة أجرى مجراه، ولذا فسره بأنفس دون رجال ومن لم يقف على مراده قال الصواب رجال، وقال السفاقسي قدروه تسعة رجال وقال الزمخشريّ : إنما جاز تمييز التسعة بالرهط لأنه في معنى الجماعة فكأنه تسعة أنفس، والأوّل أولى لأنه لو قدر إضافته لا نفس قيل تسع بالتانيث إذ غيره شاذ ورهط اسم جمع وفصله بمن هو الفصيح اتفاقاً كخذ أربعة من الطير واختلفوا في جواز إضافة العدد إليه فقال الأخفش هو نادر لا ينقاس، وفصل قوم بين أن يكون اسما للقلة كرهط ونفر وذود فيجوز إضافته له أو للكثرة، أو يستعمل لهما فلا يجوز إضافته كما قاله المازني اهـ. قوله :( والفرق بينه وبين النفر الخ ) والغاية داخلة هنا لقوله في الأحقاف والنفر دون العشرة فإنه يدل على دخولط التسعة كما أنّ قوله من الثلاثة يدل! على خروح الاثنين فلا حاجة إلى الاستدلال عليه بما في القاموس فقوله في سورة الجن والنفر ما بين الثلاثة والعشرة قول آخر، ولم يذكر اختصاصه بالرجال كالقوم وقد صرّح به بعض أهل اللغة. قوله :( أي شأنهم الإفساد ) المراد أنه عادتهم المستمرّة كما يفيده المضارع، وتأكيده بقوله في الأوض الدال على عموم فسادهم وهو صفة رهط أو تسعة، وقوله الخالص عن شوب الصلاج أي مخالطته من قوله ولا يصلحون. قوله :( أمر ) أي فعل أمر من المقاسمة أو فعل ماض بدل من قالوا أو هو حال والمقول لنبيتنه وقيل إنه محذوف، وقوله : لنباغتن من البغتة أي
مفاجاتهم بالإيقاع بهم ليلاَ وهم غافلون، ومن قرأه بالنون فتح ما قبل نون التأكيد وعلى قراءة غيره هو مضموم، وقوله على أن تقاسموا خبر الخ وهو على قراءته بياء الغيبة إذ لا معنى له على تقديره أمرا وعلى غيره يجوز فيه الوجهان وقد مرّ تفصيله، وقوله فيه القراآت أي بالياء التحتية والتاء والنون والكلام فيه كالكلام فيما فبله بعينه، وقوله لو لي دمه بيان للمعنى المراد أو لأنّ فيه مضافاً مقدرا، والبيات الهجوم على العدوّ بغتة بالليل وفي الكشاف أنه أشير على الإسكندر بالبيات فقال ليس من آيين الملوك استراق الظفر. قوله :( ما شهدنا ) معناه ما حضرناه وهو أبلغ من ما قتلناهم، ولذا لم يذكروا قتل صالح عليه الصلاة والسلام لأنّ من لم يقتل أتباعه كيف يقتله ولما كان هذا مستلزما له لم يذكر فلا حاجة إلى اعتبار فضلاً مرّتين أي فضلاً عن أنّ تولينا إهلاكه وفضلاً أن تولينا إهلاكهم مع أنه لا حاجة إلى اعتبار فضلاً إذ يكفي تقديره هكذا إهلاكهم، وإهلاكه وأمّا رجوع ضمير أهله إلى وليه حتى لا يحتاج إلى تقدير فلا وجه له لأنه خلاف الظاهر ولا يتعين أهلكم بالخطاب حينئذ كما قيل إنّ حقه أهلك أو أهلكم وقد مرّ أنه قرى :﴿ قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ ﴾ [ سورة آل عمرأن، الآية : ١٢ ] بالخطاب والغيبة ووجهه ظاهر وسيأتي وجه آخر لذكر مهلكهم دون مهلكه. قوله :( وهو ) أي لفظ مهلك في النظم يحتمل الوجوه الثلاثة لكن نسبته إلى الزمان مجازية إذ كل موجود في زمان نبيّ فهو شاهد له، ووجودهم فيه محقق لا يحتمل