ج٧ص٥٤
الوجه الثاني هو استعارة وجعلت الطريق نفسها ظلمة مبالغة. قوله :( يعني المطر ) تفسير للرحمة فإنها تطلق عليه وقد مرّ تفسير قوله بثرا في الفرقان. قوله :( ولو صح الخ ) إشارة إلى عدم صحته عند أهل الشرع، وهو قول الحكماء إنّ سبب تكون الريح قد يكون بسبب برد الدخان المتصعد إلى الطبقة الزمهريرية، وذكروا له أسباباً أخر، ولذا قال اكثريّ : وتمويجها أي تحريكها معطوف على قوله معاودة يعني أنّ ما ذكره لا ينافي كون الرّياح مرسلة من الله، وهو ظاهر ولو لم يذكر مثله كان أحسن. قوله :( عن مشاركة العاجز المخلوق ) إشارة إلى أنّ ما مصدرية ويجوز كونها موصولة، والعائد محذوف للفاصلة وفيه مضاف مقدر كمشاركة ومقارنة وكلام المصنف رحمه الله تعالى يحتمله، وهذا كالنتيجة لما قبله. قوله :( والكفرة وإن أنكروا الخ ) جواب عما يقال إنّ الكلام مع المشركين وأكثرهم منكر للإعادة فكيف خوطبوا به خطاب المعترف بأنها لظهورها، ووضوح براهينها جعلوا كأنهم معترفون بها لتمكنهم من معرفتها فلم يبق لهم عذر في الإنكار فلا حاجة إلى القول بأنّ منهم من اعترف بها فالكلام بالنسبة إليه، وقوله بأسباب سماوية وأرضية يعني أنّ من ابتدائية داخلة على السبب لأنه مبدأ مسببه، وقوله : يفعل ذلك قدّر في الأوّل يقدر وهنا يفعل ليكون تأسيساً، وراعى فيه الترتيب بين القدرة والفعل لتقدّمها واقتصر على القدرة في قوله على أن غيره يقدر لأنه يلزم من نفي القدرة نفي الفعل. قوله :( في إشراككم الخ ) أي في أنّ لله شريكاً في الألوهية الذي أنكر في قوله أإله مع الله بأن يثبتوا لشيء قدرة على ما هو قادر عليه فإنّ ذلك من لوازمها كما أشار إليه بقوله فإنّ كمال القدرة الخ فلا
يرد عليه أنّ الأنسب على هذا أن يقال هاتوا برهانكم على إشراككم إن كنتم صادقين فيه فإنا قد أتينا بدلائل التوحيد. قوله :( لما بين اختصاصه بالقدرة التامّة ) في قوله أمّن خلق السموات إلى هنا فقوله أتبعه بما هو كاللازم له أي اتبع اختصاصه المذكور بما هو كاللازم لذلك الاختصاص أو لله، وقال : كاللازم لأنه لا تلازم بينهما عقلا وإن لم ينفك أحدهما عن الآخر في الواقع كما لا تلازم بين القدرة وعلم الغيب أيضا، والمقصود بيان المناسبة بين هذا وما قبله بأن كلاً منهما مما اختص به تعالى وأنهما كالمتلازمين لأنّ من تفكر في بدائع مصنوعاته الدالة على كمال قدرة صانعها الحكيم علم كمال علمه المحيط، ولذا قال :﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ﴾ [ سورة الحشر، الآية : ٢٢ ] فتدبر. قوله :( والاستثناء منقطع ا لأنه تعالى عن أن يكون ممن في السماء والأرض! ولغة بني تميم في المنقطع اتباعه لما قبله والحجازيون ينصبونه، وأنما اختار اللغة التميمية لما ذكره من المبالغة في نفي علم الغيب فإذا استحال كونه فيهما استحال علم أهلهما به، وهذا إنما يتأتى إذا جعل الاستثناء منقطعا تحقيقا متصلا تأويلا وهي نكتة سرّية. قوله :( أو متصل الخ ) هذا ردّ على الزمخشري، والاتصال على أنّ المراد بمن فيهما من اطلع عليهما اطلاع الحاضر فيهما مجازاً مرسلاً أو استعارة، ولا يلزم فيه الجمع بين الحقيقة والمجاز وان قال به المصنف رحمه الله وإمّا التسوية بينه تعالى وبين غيره في إطلاق لفظ واحد المنهيّ عنه في حديث :" ومن بعضهما فقد غوي " فليس بمحذور لوروده في كثير من الآيات والأحاديث ووجه النهيّ عنه مفصل في كتب الحديث وقد مرّ في الكهف طرف منه. قوله :( متى الخ ) إشارة إلى أنّ إيان استفهام عن الزمان، ولذا قيل : إنّ أصلها أيّ آن أي أيّ زمان وان كان المعروف خلافه، وما هو ما لهم البعث وقوله بالغ فيه أي في تعنى نفس شعورهم بمآل أمرهم وهذا هو الموافق لما في الكشاف، وأمّا كون الضمير لنفي علم الغيب عنهم كما قيل وإن كان لازماً ضمنا فيأباه قوله أضرب عنه فإنّ الإضراب عن نفي الشعور قطعاً وقوله، انتهى وتكامل تفسير لأدرك في هذا الوجه، وقوله من الحجج والآيات بيان لما وقوله وهو راجع إلى ما وتفسير له، وقوله لا يعلمونه خبر أنّ، وقوله أسباب علمهم إشارة إلى أنّ فيه
مضافاً مقدّرا أو أنه مجاز يجعل علمهم بالأسباب علماً بالمسبب لتسببه عنه فأضرب عن جهلهم الأوّل إلى جهل أعمّ منه وأشدّ لتوفر أسبابه، وقوله كما ينبغي مفهوم من السياق والمعنى بل انتهى علمهم في أمر الآخرة، وانكارهم لها لي ما هو أعظم وأقوى في الجهل. قوله :( كمن تحير الخ ) أتى بالكاف لئلا ينافي قوله قبلة تكامل فيه أسباب


الصفحة التالية
Icon