ج٨ص١٠٤
وهو أقرب من كونه للرقبة، وإن كان الفك شاع فيها لأنها مجاز عن النفس أيضاً فالتجوّز، ثم التقدير تعسف وقوله : بعمله إشارة إلى أن ما مصدرية، ومعنى كونه مرهونا عند الله على طريق التمثيل أن الكسب بمنزلة الدين، ونفس العبد مرهونة به فإن عمل صالحاً أدّى ديته، وفك رقبته من الرهن كما فصله في الكشف وفي الحديث الصحيح :( كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ) وأما كونه إشارة إلى أق الكسب مخصوص بالعمل الصالح، ونفس المؤمن مرهونة به لا تفك إلا بأداته فسيأتي تفصيله في سورة المدثر. قوله :( أي وزدناهم الخ ) أصل معنى المد الجرّ ثم شاع في الزيادة واختص الإمداد بالمحبوب والمدّ بضدّه، وكونه وقتاً بعد وقت من مفهوم المد نفسه، وقوله : يتعاطون هم وجلساؤهم الخ أصل معنى التنازع تفاعل من النزع بمعنى الجذب، ثم استعمل في التخاصم بجعل الأقوال وتراجعها بمنزلة تجاذب الأجسام، وكذا في المجاورة يقال : تنازعنا الحديث إذا
تحادثوا في سمر ونحوه، وهو استعارة كما في قوله :
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا
وما هنا استعير لتعاطي الكاسات أي إدارتها بين الندامى، وأصله تفاعل من العطاء لأنّ النديم يعطيه الساقي فإذا شرب أعطاها له، وقوله : بتجاذب تفاعل من الجذب إشارة إلى معناه الأصلي المستعار منه وقيل إنه إشارة إلى أنّ بينهما ملاعبة، وتجاذبا لشدة سرورهم. قوله :( ولذلك أنت الضمير ) ظاهره أنه لو لم يكن المراد به الخمر لم يكن مؤنثاً، وهو غير مستقيم لأنّ الخمر كما أنه مؤنث سمافي كذلك الكأس مؤنث كما صرّح به الجوهريّ، وغيبره من أهل اللغة، والكأس لا تسمى كأساً إلا إذا امتلأت خمراً أو كانت قريبة منه وقد تطلق على الخمر نفسه مجازا لعلاقة المجاورة كما- ذكره المصنف، ومثله شائبم، وقوله : في أثناء شربها إشارة إلى أنّ الظرفية في قوله : فيها مجازية، والمراد ما ذكر، وقوله : ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله أي ما ينسب فاعله إلى الإثم لو فعله في الدنيا، ودار التكليف فالتفعيل للتشبيه، وقوله : مثل قوله تعالى :﴿ لَا فِيهَا غَوْلٌ ﴾ أي في الاختصاص الماخوذ من التقديم لا أنّ معناهما واحد، وقوله : بالكأس قدره بقرينة ما قبله، والباء للملابسة أو التعدية وقوله : مخصوصون هو معنى اللام، وقوله : سبقوهم أي ماتوا قبلهم لم يكونوا غلمانا. قيل ولم يقل غلمانهم لئلا يتوهم أنهم الخدم في الدنيا، وأنهم خدم في الآخرة أيضا، وليس كذلك ومرض كون المراد الاختصاص بالولادة لا بالملك لا لأنّ التنكير ينبئ عنه كما توهم بل لأنّ التعبير عنهم بالغلمان غير مناسب ونسبة الخدمة إلى الأولاد غير مناسب لمقام الامتنان، وقوله : من بياضهم، وصفائهم بيان لوجه التشبيه فمن سببية. قوله :( خائفين من عصيان اللّه ) تقدم أنّ الإشفاق عناية مع خوف، وأنه قد يلاحظ فيه كل من الطرفين على ما فصله الراغب، وقوله : في أهلنا يحتمل أنه كناية عن كون ذلك في الدنيا كما قال بعده : من قبل تفنناً ويحتمل بيان أنّ خوف الله كان
فيهم، وفي أهلهم لتبعيتهم لهم في العادة، ولذا ذكر عموم الوقاية لهم فهو بيان لما من الله به عليهم من اتباع أهلهم لهم، وأمّا القول بأن السؤال عما اختصوا به من الكرامة دون أهليهم أو إثبات خوفهم في سائر الأوقات بالطريق الأولى أو جعل هذا إشارة إلى الشفقة على خلق الله كما أن قوله إنا كنا من قبل ندعوه إشارة لتعظيم أمر الله، وترك العاطف لأنه لعدم انفكاك كل منهما عن الآخر ادعى أنّ الثاني بيان للأوّل فليس بشيء لأنه لو قصد اختصاصهم بالكرامة لم يكن قوله : وقانا في محله، وكونه يثبت غيره بالطريق الأولى ممنوع وكذا كل ما ذكره بعده من التكلف، وقد ذكرنا ما فيه غنية عن مثل هذه التعسفات. قوله :( عذاب النار النافذة في المسامّ ) فالسموم أطلق عليها لمشابهتها الريح السموم، وهي الريح الحارة النافذة في المسامّ أيضاً وإن كان وجه الشبه في النار أقوى لكنه في ريح السموم لمشاهدته في الدنيا أعرف فلذا جعل مشبها به وليس مبنيا على قلب التشبيه كما يتوهم، وقوله : بالفتح أي بفتح همزة أنه لتقدير لام الجرّ قبلها أي لأنه الخ. قوله :( فأثبت الخ ا لقيامه بوظائف التذكير أوّله بما ذكر لتتم الفائدة، وقوله : ولا تكترث من لوازمه وقوله : بحمد الله وأنعامه في هذا الجار، والمجرور أقوال فقيل مو قسم جوابه ما علم من الكلام، وهو ما أنت بكاهن، ولا مجنون أو هو حال أي ملتبساً بنعمة ربك انتفى عنك هذا أو التقدير ما أنت حال إذ كارك لنعمته بكاهن، ولا مجنون أو هو متعلق بمضمون الكلام، والباء سببية أي انتفى عنك الكهانة، والجنون بسبب نعمة


الصفحة التالية
Icon