ج٨ص١٤٥
وهكذا، وفسره بقوله : وهو داء الخ، وقوله : كالهيماء أي الإبل، أو الناقة الهيماء والصدى بالفتح، والقصر شدّة العطش، وقوله : يقضي عليها أي يقتلها أي لا يبرد حرارة عطشها فيشفيها، ولا يميتها فتفوز بإحدى الراحتين وقوله : هيام بالفتح، وقال ثعلب : بالضم فهو كقراد وقرد في جمعه، وقوله : ما فعل بجمع أبيض من قلب الضمة كسرة لتسلم الياء، ويخف اللفظ فكسرت الهاء لأجل الياء، وهو قياس مطرد في بابه، والبيت شاهد لورود الهيماء بمعنى الهيام المذكور، وهو من قصيدة له أوّلها :
خليليّ عوجا حييارسادمنة محتها الصبا بعدي وطاد خيامها
قوله :( وقيل الرمال الخ ) لأن الرمل يضرب به المثل في عدم الريّ مع كثرة الشرب لأنه
لتخلخله لا ينتقع فيه الماء، ولا يظهر هو، ولا أثر. عليه كغيره، وإليه أشار المصنف بقوله : لا يتماسك، ومن العجيب هنا قول الشارح الطيبي، ومن تبعه إنّ شرب الهيم على هذا من إضافة الصفة إلى الموصوف، وإنّ الرمل لما اعتبر معنى السيلان فيه كالمائع جعل مشروباً تهكماً، ونسب الشرب إليه مجازاً، وهو مما لا ينبغي أن يصدر عن مثله. قوله :( وكل من المعطوف الخ ) جواب عن أنه لم عطف شاربون على شاربون بالفاء، والعطف بها يقضي مع المغايرة التعقيب، وهما متحدان هنا بمنع الاتحاد فإنّ كلاً منهما أخص من الآخر من وجه لأنّ شارب الحميم قد لا يكون به داء الهيام، ومن به داء الهيام قد يشرب غير الحميم، والشرب الذي لا يحصل الريّ ناشئ عن شرب الحميم لأنه لا يبل الغليل أو لأن الإفراط بعد الأصلي لكن لا يخفى ما في كلام المصنف من القصور لأنه لا يدل على المراد دلالة تامة مع أنه أقرب مما في الكشاف، وهو قوله : إن كونهم شاربين للحميم على ما هو عليه من تناهي الحرارة، وقطع الإمعاء أمر عجيب وشربهم له على ذلك كما تشرب الهيم الماء أمر عجيب أيضا فكانتا صفتين مختلفتين. قوله :( بضنم الشين ) كما قرى بفتحها، وقرى بالكسر أيضاً في الشواذ، وتفسيرها معلوم من كتب اللغة، وقوله : فما ظنك الخ إشارة إلى ما فيه من المبالغة لأنّ النزل ما يعد للقادم عاجلا، إذا نزل ثم يؤتى بعده بما هو المقصود من أنواع الكرامة فلما جعل هذا مع أنه أمر مهول كالنزل دل على أنّ بعده ما لا يطيق البيان شرحه، وجعله نزلاً مع أنه ما يكرم به النازل متكهماً كما في قوله :
وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا جعلنا القنا والمرهفات له نزلا
وقوله : بالتخفيف أي تسكين الزاي المضمومة. قوله :( بالخلق ) متعلق التصديق بقرينة قوله : نحن خلقناكم ولما كانوا مصدّقين به لقوله :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [ سورة العنكبوت، الآية : ٦١ ] أشار إلى أنه منزل منزلة العدم، والإنكار لأنه إذا لم يقترن بالطاعة، والأعمال الصالحة لا يعد تصديقا أو التصديق بالجث لتقدّمه وتقدّم إنكاره في قوله : أئنا لمبعوثون. قوله :( من مني النطفة بمعنى أمناها ) أي أسالها
بدفع الطبيعة ومني، وأمنى بمعنى كما ذكره الجوهريّ وقوله : تجعلونه بشراً سوباً تام الخلقة فالمراد خلق ما يحصل منه ففيه تقدير أو تجوّز، وقوله : أقتنا بالهمزة بمعنى وقتنا أي جعلنا له وقتا معينا، وقوله : فيهرب من الموت أو يغير وقته يعني السبق هنا تمثيل لحال من سلم من الموت أو تأخر أجله عن وقته المعين له بحال من طلبه طالب فلم يلحقه وسبقه أو السبق مجاز عن الغلبة استعارة تصريحية أو مجاز مرسل في لازمه، وظاهر قول المصنف من سبقته على كذا أنه حقيقة فيه إذا تعدى بعلى. قوله :( على الأوّل حأل ) أي إذا فسر السبق بالسلامة من الموت أو تأخيره عن وقته، والمعنى لا ينجو أحد من الموت حال كوننا قادرين أو عازمين على تبديل أمثالكم، وصاحب الحال الضمير المستتر في مسبوقين، وجملة وما نحن بمسبوقين حال أيضا فإذا كانت على تعليلية فهي متعلقة بقدرنا، والجملة بينهما معترضة، وقيل : قوله وما نحن بمسبوقين اعتراض جار على الوجهين، وسياقه لا يساعده. قوله :( جمع مثل ) أي بفتحتين بمعنى الصفة العجيبة، وهو فيما قبله جمع مثل بكسر فسكون بمعنى شبه، وقوله : في خلق بكسر الخاء، وفتح اللام جمع خلقة، وهو ما يكون عليه الإيجاد من الهيآت، والأطوار، والظاهر أنّ قوله : وننشئكم المراد به إذا بدلناكم بغيركم لا في الدار الآخرة كما توهم والصفات الأشكال، وما ضاهاها وهما في هذه النشأة أو الأوّل إذا كانت الأمثال الأشباه، والثاني