ج٨ص١٥٨
بالغيبة جريا على ما قبله، وبتاء الخطاب على الالتفات، ويحتمل أن يكون منصوبا معطوفا على تخشع في القراءتين، وأن يكون مجزوماً ولا ناهية، وهو ظاهر على قراءة الخطاب، ويجوز ذلك في الغيبة أيضاً، ويكون انتقالاً إلى نهي أولئك المؤمنين عن تشبههم بمن تقدّمهم نحو لا يقم زيد وعلى النفي هو في المعنى نهي أيضا وروش! مصغر أحد رواة القرا آت
المتواترة. قوله :( فطال الخ ا لو قدمه استغنى عن إعادة قوله : فقست قلوبهم، وما بينهم وبين أنبيائهم لبعد العهد بهم، وقرئ الأمدّ أي بتشديد الدال، وهو رواية عن ابن كثير وقوله : من فرط القسوة كأنه يؤخذ من كون الجملة حالية فتأمّل. قوله :( تمثيل لإحياء القلوب الخ ) أي استعارة تمثيلية ذكرت استطراداً لإرشادهم إلى إزالة ما يقسي قلوبهم بالإنجاء إلى الله الذي أحيا موات الجمادات بالنبات فإنه هو القادر على إحياء تلك القلوب الميتة بذكره، وتلاوة كلامه فالمستعار له ما يمن به من الخشوع وزوال القسوة، وعلى الوجه الثاني المستعار له إحياء الأموات، والمقصود منه الترغيب في الخشوع بذكر الإماتة، والإحياء، والزجر لأنه إذا أحيا الموتى فكيف لا يرد قلوبكم إلى حالها الأولى فهما على الوجه الثاني، وقيل : إنه لف ونشر مرتب فالترغيب ناظر لإحياء القلوب القاسية، والزجر لإحياء الأموات، ولا بعد فيه أيضا. قوله :( كي تكمل عقولكم ) إفادة لعل التعليل مرّ في البقرة، وفسر العقل بكماله لثبوت أصله، وفيه إيماء إلى أنه بمنزلة العدم قبله، وقوله : إن المصدقين الخ خفف صادهما ابن كثير وأبو عمرو، وثقلها باقي السبعة فعلى الأوّل هو من التصديق أي صدّقوا الرسول فيما جاء به كقوله :﴿ وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ ﴾ وصدق به، وعلى الثاني من الصدقة، وهو أنسب بقوله : أقرضوا، وقد قيل : الأوّل أرجح لأنّ الإقراض يغني عنه. قوله :( عطف على معنى الفعل الخ ) يعني أنه معطوف على اسم الفاعل لأنه صلة لأل حال محل الفعل فهو في مفاه كأنه قيل : الذين صدّقوا وأقرضوا، وهذا مختار الزمخشري تبعاً لأبي عليّ الفارسيّ وغيره، وقد ردّ بأنه يلزمه الفصل بين أجزاء الصلة بأجنبيّ، وهو المصدقات المعطوف على المصدّقين قبل تمام الصلة ولا يجوز عطفه على المصدقات لتغاير الضمائر تذكيرا وتأنيثاً، وفيه نظر وأجيب عنه بوجوه منها أنه محمول على المعنى إذ هو في معنى الناس الذين تصدّقوا، وتصدقن وأقرضوا فهو معنى معطوف على الصلة من غير فاصل، ولا يخفى أنه لا محصل له إلا إذا قيل إنّ أل الثانية زائدة لثلا يعطف على صورة جزء الكلمة وفيه بعد، ومنها أنّ المصدّقات منصوب بمقدر، وهو مع معموله معترض فلا يضر الفصل به، والمصدقين شامل للمصدّقات تغليباً ثم خصصن يالذكر حثالهن على الصدقة كما ورد في الحديث :" يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكق كثر أهل
النار " وقيل عليه إنه تخريج للكلام المعجز على خلاف الظاهر، ومنها أنه معطوف على مجموع صلة المصدقين، والمصدقات لجعلهما بمنزلة شيء واحد قصد العطف عليه ولا يخفى بعده، ونبؤ المقام عنه، والقول بأنّ أقرضوا معترض بين اسم إن، وخبرها أظهر، وأسهل. قوله :( لأنّ معناه الذين أصدقوا أو صدّقوا ( على القراءتين كما مرّ، وهو أقرب إلى الجواب الأوّل وقوله، وهو على الأوّل أي على التصدق ذكره بعد. مع أنّ المراد بالإقراض التصدق أيضا لما فيه من إفادة أنّ المعتبر الإخلاص المستفاد من قوله : قرضا حسنا فإنّ حسنه بكونه من أطيب ماله خالصا لوجهه. قوله :( معناه الخ ( ما مرّ راجع للمعنى والقراءة، وهو إشارة إلى ما في هذه السورة، وما في سورة الفرقان ولذا قال غير أنه لم يجزم أي كما جزم ثمة ولو حذفه كان أولى إذ لا مقتضى للجزم هنا، وقوله : إلى ضمير المصدر أي القرض أو التصدق كما صرّح به المعرب، وليس المراد ضمير هذا الفعل المجهول فإنه صرح به الجاثية في قوله : ليجزي قوما بأنه ضعيف فمن توهم أنه المراد هنا، وأنه معارض لما مرّ، ثم وفق بينهما فقد وهم كما لا يخفى، والذي أوقعه فيه تفسير بعضهم له بتضاعف الأقراض فتأمّل. قوله :( أولئك عند الله ) أي في حكمه وعلمه، وقوله : بمنزلة الصديقين فهو تشبيه بليغ، وعند ربهم ليس متعلقا بالشهداء على هذا وقوله : أو هم المبالغون فهو على ظاهره، وقوله : فإنهم الخ بيان لوجه المبالغة فيه، وقوله : والقائمون بالشهادة تفسير للشهداء على الوجه الثاني، وضمير لهم للرسل، وقوله : يوم القيامة تفسير لقوله : عند الله على هذا