ج٨ص٢٥٧
طرائق كونه من تلقي الركبان، والتأويل قبل الحاجة إليه لا يلتفت لمثله حتى يعد اعتراضا أو مانعاً، وقوله : من قد إذا قطع حتى كان كل طريق لامتيازها مقطوعة من غيرها، وقوله : علمنا تقدم الكلام عليه. قوله :) أن لن يعجز الله في الأرض ) حمل المصنف رحمه الله تعالى الأرض هنا على العموم، لقوله أينما كنا، ولما وقع قوله ولن نعجز. هرباً في مقابلته لزم أن يكون الهرب إلى السماء ففيه ترق ومبالغة، كأنه قيل لا نعجزه في الأرض ولا في السماء، وأمّا في الثاني فلم ينظر فيه إلى عموم ولا خصوص، وجعل الفوت على قسمين أخذا من لفظ الهرب، كأنه قيل إنّ طلبنا لم نفتة، وإن هربنا لم نخلص منه، وذكر الأرض لتصوير أنها مع سعتها ليس فيها منجي منه ولا مهرب لشدّة قدرته وزيادة تمكنه منه كقوله :
وانك كالليل الذي هو مدركي وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع
وهذا أحسن مما قيل، إنّ فائدة ذكر الأرض تصوير تمكنهم عليها وغاية بعدها عن محل استوائه، فإنه غير مناسب للمقام، وهربا كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى حال !معنى هاربين، وكذا قوله في الأرض أو تمييز، وفسر الهدى بالقرآن، لاقتضاء قوله : سمعنا له، ولأنه المناسب لسبب النزول. قوله :( فهو لا يخاف ) قدر هو ليحسن دخول الفاء فيه، لا! جواب الشرط المنفي بلا يصح فيه دخول الفاء وتركها، كما صرح به في شرح التسهيل، وفي كلام الزمخشريّ، وابن مالك إشارة إليه فما قيل إنه لتصحيح دخول الفاء غير صحيح، وعلى قراءة الجزم لا ناهية، لا نافية لأنّ الجواب المقترن بالفاء لا يصح جزمه. قوله :( والأوّل ) يعني الرفع، وتقدير المبتدا لأنه من قبيل هو عرف، وهو يفيد التقوى، ويدلّ على الاختصاص عند الزمخشريّ، وفي النهي أيضا دلالة لأنه علق الحكم بمن يؤمن، وتعليق الحكم بالمشتق وما هو في حكمه يفيد علية مأخذ الاشتقاق، وهي تستلزم ما ذكر، وفي نسخة المؤمنين وبهم، وفي أخرى المؤمن وبه بالإفراد وقوله : والأوّل أدل بأفعل التفضيل، لأنه خبر يدلّ على تحقق مضمونه. قوله :( نقصا في الجزاء ولا أن ترهقه ذلة ) فسر الرهق بغشيان الذلة، وأصل معناه مطلق الغشيان لقوله تعالى :﴿ وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ﴾ [ سورة يرنس، الآية : ٢٧ ] والقرآن يفسر بعضه بعضاً، وقوله : أو جزاء نقص، أي ورهق ظلم ففيه اكتفاء، كسرابيل تقيكم الحرّ الخ بقرينة ما بعده من قوله : لأنه الخ، فاندفع ما قيل عليه من أنّ الصواب أن يقول : جزءا نقص! ولا رهق كما في الكشاف حتى لا يبقى التعليل بقوله : ولم يرهق بلا معلل، وهذا إمّا على إضمار الجزاء بأن يقدر فيه مضاف، أو هو بيان لحاصل المعنى، وأنّ ما ذكر في نفسه مخوف فإنه يصح أن يقال : خفت الذنب وخفت جزاءه، لأنّ ما يتولد منه المحذور في نفسه محذور، وفيه دلالة على أنّ المؤمن لاجتنابه البخس والرهق لا يخافهما، فإن عدم الخوف من المحذور إنما يكون لانتفاء المحذور، وقوله : لأنه لم يبخس إشارة إلى ذلك، ويجوز أن يكون من وضع السبب موضمع المسبب والأوّل أظهر، وأقرب مأخذا كما رجحه المدقق في الكشف فتدبر. قوله :( لأنّ من حق المؤمن بالقرآن أن يجتنب دّلك ( وفي نسخة من حق الإيمان وهو إشارة لما مر. قوله :( فمن أسلم ) من كلام الله أو الجن، وفي الكشاف زعم من لا يرى للجن ثواباً أنه تعالى أوعد قاسطهم، وما وعد مسلمهم وكفى به وعدا إن قال فأولئك تحروا رشداً، فذكر سبب الثواب
وموجبه، والله أعدل من أن يعاقب القاسط، ولا يثيب الراشد، فتحرى الرشد مجاز بعلاقة السببية عن الثواب، كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى بفوله :( يبلغهم ( الخ، والتوخي التحري، وهو القصد، وقوله : بكفار الإنس إشارة إلى أنهم في التكليف مثلهم، وتوله : إنّ الشأن إشارة إلى أنّ أن مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن مقدر، والضمير لما ذكر وقوله : على الطريقة المثلى تأنيث الأمثل، بمعنى الأفضل يشير إلى أنها جعلت طريقة، وما عداها ليس بطريقة يفهم منه كونها مفضلة على ما سواها، أو هو إشارة إلى أق التعريف فيه للعهد، والمعهود طريقة الجن المفضلة على غيرها. قوله :( لوسعنا عليهم الرزق ) على التجوّز بما ذكر عن الرزق الواسع، أو الاكتفاء به لأن غيره يعلم منه أولوية، وقوله : والسعة عطف على المعاش ناظر إلى كثرة الماء، كانه قال : لأنّ أصل الماء أصل المعاس، وكثرته أصل السعة، فلا وجه لما قيل من انّ السعة عطف تفسير للمعاش، والا فأصل المعاش هو اصل الماء لا كثرته، وغدقا بفتح الدال وتكسر وبه قرئ في الشواذ. قوله :( لنختبرهم كيف يشكرونه ) فالفتنة في الماء الاختبار في شانه