ج٨ص٤٠٦
الأمر بمعنى الخبر ورد بأنّ ماكه إلى جعل الأمر بمعنى الخبر لكنه بوجه آخر، واعلم أنه قال في الانتصاف إنّ التعجب ليس مما يؤمر به حقيقة فالمراد الإخبار بأنّ هذه القصة من شأنها أن يتعجب منها كما أشار إليه الزمخشري انتهى، فرده المدقق بأن عطف قوله : أحمده عطف تفسيري دال على أن الأمر بالتعجب أمر بالشكر لمن تأمّل فليس كما توهمه القائل خبراً آخر فإنه كلام من لا خبر له فتدبر، وقوله : بحمد ربك الباء للملابسة، وهو حال واليه إشار المصنف بقوله : حامداً له عليه وقد مر الكلام على وجه استعمال التسبيح في التعجب فتذكره. قوله :( أو فصل فسبح على الأوّل مجاز عن التعجب وعلى هذا عن صل ا لأن التسبيح من أجزائها كالسجود، وقوله : فنزهه على أنه على ظاهره وحقيقته من غير تأويل بما تقدم، وقوله : وصلى ثمان ركعات قيل : هي صلاة الضحى وبه استدل من أثبتها، وقيل : هي صلاة الفتح وهي سنة أيضا إلا أنّ قوله :( فدخل الكعبة قال ابن حجر : يقتضي أنه صلاها في داخل الكعبة ) والذي في الصحيحين، والسنن إنه صلاها في بيت أم هانئ وهو الصحيح فما ذكره المصنف رحمه الله تبعاً للزمخشري لم يثبت. قوله :( أو فأثن على اللّه الخ ) هذا هو التوجيه الرابع، وهو أعم مما قبله وصفات الجلال هي السلبية ككونه لا شريك له وصفات الإكرام غيرها كالعلم والقدرة والحمد على صفاته لتنزيلها منزلة الأفعال الاختيارية لاستنادها للذات أو باعتبار آثارها كما مر. قوله :( هضماً لنفسك ( أي كسراً للنفس بتذليلها وجعلها مذنبة محتاجة للاستغفار وأصل معنى الهضم الكسر ومنه هضم الطعام وهو ﷺ معصوم عقفور له فقوله :" استغفر الله وأتوب إليه في اليوم والليلة كثر من سبعبن مرة " ٣١ ( كما
في البخاري وقريب منه ما رواه المصنف رحمه الله إما تعليماً لأمّته أو من تركه للأولى أحيانا أو تواضمعا كما أشار إليه المصنف بقوله : هضماً الخ، أو عما كان من سهو ولو قبل النبوّة، وقيل : اشتغاله بالنظر في مصالح الأتة كمحاربة الأعداء وتأليف المؤلفة شاغل له عن مراقبة الله، ومطالعة أسراره وفراغه عما سواه فيعده كالذنب، وإن كان طاعة لمرضاته فيتنزل ويستغفر منه، وقيل : كان دائما في الترقي فإذا ترقى عن مرتبة استغفر لما قبلها، وقيل : للطبائع غفلات مفتقرة للاستغفار قاله الكرماني. قوله :( وقيل : استئفره لأمتك ) قيل ولو جعل خطاب أرأيت لكل واقف عليه تأتي أمر الاستغفار بغير تأويل وفيه تكلف لا يخفى، وقوله : وتقديم التسبيح الخ هو على جميع الوجوه في تفسير سبح واستغفر وإن كان في بعضها أظهر من بعض فلا يغرك ما قيل من أنه على الوجهين بل على الأخير فإنه أظهر والنزول في الحمد لأنه بملاحظة آثار الصفات كما مر تفصيله فتذكره. قوله :( ما رأيت شيئاً الخ ) فإنه يراه العارف في كل شيء وجميع الموجودات مرآة لتجليه فهو يشاهده أوّلاً، وبالذات ثم يرى المرآة ثانيا وبالعرض ومنهم من يراه قبل كل شيء ومنهم من يرا. معه ومنهم من يراه بعده والنزول- لأنّ التسبيح بحمده توجه لكمال الخالق والاستغفار توجه لحال العبد وتقصيراته. قوله :( لمن استغفر الخ ) إشارة إلى أنه تعليل لما قبله ولا وجه لجعله احتباكا وقوله : مذ خلق المكلفين، قيل : إنه رد لقوله ة في التأويلات معناه كان ولم يزل تواباً لا أنه تواب بأمر اكتسبه وأحدثه على ما يقوله : المعتزلة إنه صار تواباً إذا نشأ الخلق فتابوا فقبل توبتهم، وأما قبل ذلك فلم يكن توابا ووجهه أنّ قبول التوبة من الصفات الإضافية ولا نزاع في حدوثها واختيار تواب على غفار إشارة إلى أن الاستغفار إنما ينفع مع التوبة والندم. قوله :( واكثر الخ ) فإذا على حقيقتها، وقيل : نزلت بعده بمنى في حجة الوداع فإذا بمعنى إذ كما مرّ وقد ذكره في المغني، فلا حاجة لما قيل لا بد من أن يجعل على هذا شيئاً منه مستقبلاً مترقبا باعتبار أنّ فتح مكة كان أمّ الفتوج والدستور لما يكون من بعده فهو مترقب باعتبار ما يدلّ عليه، وإن كان متحققا باعتباره في نفسه وهذا أمر لا بد منه تصحيحا للنظم فإنه تكلف لا حاجة إليه، ونعى مصدر كضرب ونعى كصهيل خبر الموت فقوله : نعى لرسول اللهءسنن أي أخبار له بقرب موته. قوله :( لدلالتها على تمام الدعوة ( أي مشارفة التمام وقربه وما قارب الشيء له حكمه فهو كقوله :﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [ سورة المائدة، الآية : ٣ ] لأنّ أمره ﷺ بالاستغفار تنبيه على ذلك وكذا الأمر بالتسبيح ألا ترى أنه ﷺ كان يقول : إذا
قام من