ج٨ص٥٦
لا يكون إلا منه تعالى كما قال :﴿ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ ﴾ [ سورة النحل، الآية : ٢٧ ا ] لأنه بذكر الله الذي تطمئن به القلوب. قوله :( الثبات ) هذا هو أرجح التفاسير وفسرت بالرحمة أيضاً وهكذا هو في كل سكينة وردت إلا ما في البقرة، وقوله : حتى ثبتوا وكان قلقهم لصدّ الكفار لهم عن البيت وقد
ظنوا الرؤيا ناجزة كما ورد في الحديث، وسيأتي وتدحض بمعنى تزل وهو كناية هنا عن القلق. قوله :( يقيناً مع يقينهم ) يعني أنّ الإيمان لما ثبت في الأزمنة نزل تجدّد أزمانه منزلة تجدده، وازدياده فاستعير له ذلك ورشح بكلمة مع، وعلى الثاني هو على حقيقته ومن قال : الأعمال من الإيمان، وهو يزيد وينقص لا يحتاج للتأويل ويحتمل أن يكون هذا مراد المصنف، وقوله فيسلط الخ هذا بالنسبة لجنود الأرض أو لمجموع جنود السماء والأرض لأنّ جنود السماء الملائكة ولا يجري فيها ذلك، وقوله : كما تقتضيه حكمته تنازع فيه الفعلان قبله. قوله :( من معنى التدبير ) بيان لما إشارة إلى أنّ قوله ولله جنود السموات والأرض كناية عنه، وقوله : ليعرفوا الخ إشارة إلى أن العلة معرفة النعمة وشكرها لكنها لما كانت علة لدخول الجنة أقيم المسبب مقام السبب كما في الكشاف، وقوله : ذلك إن كان إشارة إلى التسليط فهو عذاب دنيوي، وإن كان إشارة إلى إدخالهم الجنة فهو أخروي وتعليقه بفتحنا وأنزل مع تعلق اللام الأخرى به بناء على ما مرّ في البقرة من تعلق الأوّل به مطلقا، والثاني مقيذ أو بتنزيل تغاير الوصفين منزلة تغاير الفعلين إذ لا يتعلق بعامل واحد حرفا جر بمعنى واحد من غير اتباع، وقوله : أو جميع ما ذكر إمّا على التنازع أو التقدير أي بتقدير ما يشملها كفعل ما ذكر ليدخل الخ. قوله :( بدل الاشتمال ) وهو ما كان بينه وبين المبدل منه ملابسة بحيث يدخل أحدهما على الآخر بوجه ما وشرط في الملابسة أن تكون بغير البعضية، والكلية وهل المشتمل الأوّل أو الثاني أو العامل أو معنى الكلام أقوال ارتضى الأخير منها في الإيضاح، والاشتمال هنا لأن إدخال المؤمنين والمؤمنات الجنة وتعذيب الكفار مستلزم لزيادة الإيمان ومشتمل عليه فما قيل من أنّ الاشتمال باعتبار أنّ المؤمنين والمؤمنات يشمل المؤمنين لا وجه له فتأمل. قوله :( ينطيها ) هو أصل معناه، ثم كني به عن محوها كالعفو وقوله : وعند حال من الفوز لأنه شأن
صفة النكرة إذا قدمت عليها، وكونه يجوز فيه الحالية إذا تأخر عن قوله عظيماً لا ضير فيه كما توهم. قوله :( عطف على يدخل الخ ) ذكر في المعطوف عليه وجوها وأشار إلى صحة العطف على الجميع سوى البدلية لما سيأتي وهو ظاهر إلا إذا تعلق بقوله : ليزدادوا ففيه نوع خفاء وتقريره كالأوّل لأنّ ازدياد إيمان المؤمنين مما يغيظهم أيضاً والغيظ بذلك كفر على كفر مقتض لتعذيبهم وعذاب الدنيا بأيدي المؤمنين، وإمّا تقريره بأنّ اعتقادهم أنه تعالى يعذب الكفار يزيد في إيمانهم لا محالة، وما أوود عليه من أنّ مدخول اللام يجب ترتبه على متعلقها في الخارج نلا يحسم الإشكال ولا يزيل الخفاء فلا وجه له تقرير، وايراداً لأنه لا دلالة في النظم على ما ذكره إلا إذا أوّل يعذب بيجزم باعتقاد أنهم معذبون، وهو في غاية البعد لكنه مترتب على زيادة الإيمان ولزوم الترتب المذكور التزام لما لا يلزم من غير قرينة فتدبر. قوله :( إلا إذا جعلته بدلاً الخ ) فيه نظر لأنّ بدل الاشتمال تصححه الملابسة كما مرّ وازدياد الإيمان على التفسيرين مما يغيظهم فلا مانع منه على البدلية، وما قيل في توجيهه من أنّ المذكور في المعطوف يباين المؤمنين فلا يستقيم عطفه على بدل الاشتمال سهو ظاهر لأنّ بدل الاشتمال لا بد فيه من المباينة كسلب زيد ثوبه، وقوله : فيكون عطفاً على المبدل منه هكذا هو في النسغ المعتمدة وفي بعضها سقط منه منه فاحتاج إلى جعله من الحذف والإيصال كالمشترك أو أنّ البدل يكون بمعنى المبدل منه من أبدلته بغيره إذا نحيته ونحن في غنية عنه بما صح في النسخ. قوله :( ظن الأمر السوء ) يعني أنّ المراد بالسوء الأمر الذي ظنوه وهو عدم النصرة، وقوله تعالى :﴿ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ﴾ [ سورة الفتح، الآية : ٦ ] إما إخبار عن وقوع السوء بهم أو دعاء عليهم وجملته معترضة، والدائرة مصدر بزنة اسم الفاعل أو اسم فاعل من دار يدور سمي به عقبة الزمان، والسوء بالفتح مصدر أضيف إليه للمبالغة كرجل صدق، ويقال : رجل سوء ورجل السوء معرفاً ومنكرا وبالضم هو اسم مصدر بصعنى المساءة كما في الصحاح، وليس فيه حصر المضاف