ج٨ص٥٧
إليه في المفتوح حتى يردّ عليه بقراءة دائرة السوء بالضم أو يردّ بأنّ ما نحن فيه من إضافة الاسم الجامد وما فيها من إضافة غيره وبينهما فرق ظاهر، ويرد عليه ظن السوء إلا أن يريد بالجامد اسم العين وقول المصنف غلب الخ يشير إلى أنه أكثرقي كما عرفت إلا أنّ قوله : وكلاهما في الأصل مصدر فيه لمخالفة إمّا لكلام الجوهريّ، وقد مرّ الكلام عليه مفصلا في سورة براءة.
قوله :( والواو في الأخيرين الخ ) يعني كان مقتضى الظاهر أن يقال فلعنهم فاعد لهم لكنه عدل عنه للإشارة إلى أنّ كلاَ منهما مستقل بالوعيدية من غير اعتبار للسببية فيه. قوله تعالى :( ﴿ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ الآية ) ذكره سابقا على أنّ المراد به أنه المدبر لأمر المخلوقات بمقتضى حكمته فلذلك ذيله بقوله : عليماً حكيماً، وهنا أريد به التهديد بانهم في قبضة قدرة المنتقم فلذا ذيله بقوله عزيزا حكيما فلا تكرار، وقيل إنّ الجنود جنود رحمة وجنود عذاب والمراد هنا الثاني ولذا تعرّض لوصف العزة فتأمّل. قوله :( الخطاب للنبئ ﷺ الخ ) إذا كان الخطاب للنبيّ ﷺ وأمّته كقوله :﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ﴾ [ سورة الطلاق، الآية : ا ] فهو تغليب ويكون النبيّ مخاطباً بالإيمان برسالته كسائرالمؤمنين وهو كذلك، وقال الواحديّ : هو على اللف والنشر فالخطاب في أرسلناك للنبيّ وفي لتؤمنوا لأمّته والتقدير فعل ذلك لتؤمنوا أو قل لهم لتؤمنوا لأنّ سماعهم مقصود وأورد عليه أنه مناف لقول الشريف في شرح المفتاح في قوله تعالى :﴿ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [ سورة هود، الآية : ٢٣ ا ] فيمن قرأ بتاء الخطاب بتغليب المخاطب على الغائب إذ عبر عنهم بصيغة موضوعة للمخاطب، ولا يجوز اعتبار خطاب من سواه بلا تغليب لامتناع أن يخاطب في كلام واحد اثنان من غير عطف أو تثنية أو جمع اه، وهذه القاعدة وإن قرّرها الرضي وغيره في مباحث اسم الإشارة فليست مطلقة كما يعلم من تتبع كلامهم بل هي فيما إذا لم يكن أحدهما بعضاً من الآخر فإنه حينئذ غير مغاير له بالكلية، وإن لم ينسلخ عنه معنى الخطاب كقوله :
أحيا أباكن يا ليلي الأماديح
قال المرزوقي خاطب الجماعة ثم خص واحدة منها وذكر له نظائر، وقال الرضي في التعجب لا يخاطب اثنان في حالة واحدة إلا أن ينمحي معنى الخطاب عن أحدهما وعلى الوجه الأوّل أحدهما بعض من الآخر وعلى الثاني هو عينه ادّعاء فلا تعدّد كما أشار إليه المصنف أو أنهم ليسوا مخاطبين في الحقيقة مخاطبهم في حكم الغيبة فاحفظه، ومنه تعلم أنّ ما تقدم كلام من لم يطبق المفصل في هذه القاعدة، وقد فصلناها في غير هذا الكتاب وأنه لا غبار عليه سوى عدم الفهم والقول بأنه ليس كلملاما واحداً لتقدير المعلل كما مرّ عن الواحدي لا حاجة
إليه، ولا يلائم ما ذكره المصنف. قوله :( وتعزروه ( من العزر وهو أحد معاني التعزير وفي نسخة وتقوّوه فعزره بمعنى أيده وقوّاه، وهذا على المختار من رجوع الضمائر كلها لله لا إنّ الأوّلين للرسول والأخير لله لما فيه من التفكيك، وقوله : أو تصلوا له فإن التسبيح يطلق على الصلاة لاشتمالها عليه، وبه فسر ابن عباس رضي الله عنه هنا وقوله : غدوة وعشياً على الوجهين بإبقائه على ظاهره، وقوله : أو دائما بجعل طرفي النهار كناية عن الجميع كما يقال شرقاً وغرباً لجميع الدنيا. قوله :( لأنه المقصود ببيعته ) توجيه للحصر بأنه باعتبار المقصود لأنّ المقصود من بيعة الرسول واطاعته إطاعة اللّه وامتثال أوامره لقوله :﴿ مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ ﴾ [ سورة النساء، الآية : ٨٠ ] فبيعة الله بمعنى طاعته مشاكلة أو هو صرف مجاز. قوله :( حال أو استئناف مؤكد له على سبيل التخييل ا لا يخفى ما في الحالية لعدم اقتران الاسمية بالواو وقد أباه المصنف ومرّ توجيهه فتذكر. وهو حال من الفاعل، وقيل : هو خبر بعد خبر والتأكيد ظاهر لأنّ قوله : يد الله الخ عبارة عن المبايعة، وفي الكشاف لما قال :﴿ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ﴾ أكده تأكيدا على طريق التخييل فقال : يد الله فوق أيديهم يريد أنّ يد رسول الله ﷺ التي تعلو أيدي المبايعين هي يد الله والله تعالى منزه عن الجوارح وعن صفات الأجسام وأنما المعنى تقرير أنّ عقد الميثاق مع الرسول ﷺ كعقده مع الله من غير تفاوت بينهما اهـ، وفي المفتاح أمّا حسن الاستعارة التخييلية فبحسب حسن الاستعارة بالكناية متى كانت تابعة لها كما في قولك فلان بين أنياب المنية ومخالبها، ثم إذا انضم إليها المشاكلة كما في قوله يد اللّه الخ كانت أحسن وأحسن


الصفحة التالية
Icon