ج٨ص٧٦
له من التعظيم حتى كأنهم جاهلون بأنه بين أظهرهم فلما اتجه أن يسئل ما فعلوا حتى نسبوا للتفريط وما نتيجة ذلك أجيبوا ببيان النتيجة لخفائها، قلت : يأبى هذا كون قوله : واعلموا الخ
من تتمة ما قبله للعطف ولذا قال المصنف : لم يظهر للأمر يعني قوله تعالى :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ﴾ فائدة كما في بعض شروح الكشاف فسقط ما قيل من أنّ فائدته الدلالة على أنهم نزلوا منزلة الجاهلين بمكانه لتفريطهم فيما يجب من تعظيم شأنه وقيل عليه أنّ المناسب أن يقال واعلموا أنّ الذي فيكم هو رسول الله ليفيد تجهيلهم بشان الرسول، وأنه يطاع ولا يطيع، وما في النظم إنما يفيد تجهيلهم في أنّ شأنهم أن يتبعوه ولا يتبعوا آراءهم، والمراد هو الأوّل دون الثاني فتدبر. قوله :( حال من أحد ضميري فيكم ) يعني المجرور وهو ضمير المؤمنين المخاطبين، والمرفوع المستتر في الظرف، وهو ضمير الرسول وأورد عليه أنه حينئذ العامل فيه الظرف، وهو يدل على الزمن الحاضر ولو يطيعكم للماضي فكيف يكون قيداً له وأيضا ليس المعنى على التقييد فلا يصح جعله حالاً، وأمّا الاستمرار فهو في الماضي فلا تصح المقارنة كما أشار إليه المصنف والزمخشريّ بقوله، والمعنى أنّ فيكم رسول الله على حالة يجب عليكم تغييرها أو أنتم على حالة يجب عليكم تغييرها وهي أنكم تحاولون منه أن يعمل في الحوادث على مقتضى ما يعن لكم من رأى الخ فتأمل. قوله :( والمعنى الخ ( يعني أنّ قوله لو يطيعكم الخ كناية عن أنهم أحبوا متابعة الرسول، وأنّ ذلك مما لا ينبغي فيجب تغييره والعدول عنه فإنه يوقعهم في العنت أي المشقة أو الهلاك أو الإثم أو الفساد فإنها معان له وأصله الكسر بعد الجبر، ووجه الإشعار المذكور ظاهر. قوله :( استدراك الخ ) جواب عما يقال من أنّ الاستدراك بلكن شرطه مخالفة ما بعدها لما قبلها نفيا وإثباتا وهو مفقود هنا فليست في موقعها بأنها في موقعها لأنّ مآل المعنى لم يحملكم على ما أردتم من الإيقاع ببني المصطلق اتباع الهوى ومحبة متابعة النبيّ ﷺ لآرائكم بل محبة الإيمان وكراهة الكفر هي الداعية لذلك، وقوله : وبصفة الخ معطوف على قوله : ببيان عذرهم وهو توجيه آخر لكون الاستدراك في موقعه محصله أنّ الذين حبب إليهم الإيمان قد غايرت صفتهم صفة المقدم ذكرهم فلكن في موقعها كما ارتضاه الزمخشريّ لأنه المناسب لما بعده واليه أشار المصنف بقوله ويؤيده الخ فإنه ظاهر في أنّ ذوي الرشد طائفة في المعنى مستثناة ممن قبلهم، وهم الذين لم يروا الإيقاع بهم رأيأ. قوله :( لكنه لما تضمن معنى الخ ) يعني ضمن معنى بغض فعدى تعديته، وحسنه مقابلته لقوله : حبب فإنّ مقابله بغض، وقوله : منزلة بغض وقع في نسخة بغضكم وليس بمناسب لما نحن فيه إلا أن يريد أنه متعد لواحد فإذا عذى للثاني احتيج إلى الحرف فتأمّل، ثم إن المصنف تعرّضى لكرّه
دون حبب لأنه على أصله وهو منقول من حبب إليه كما في القاموس وغيره فاستعماله على أصله ومن قال إنّ في التحبيب والتكريه معنى الإنهاء فلذا استعملا بإلى زاد نغمة لا تطرب ولا تضحك، وقوله : تغطية نعم الله يعني أنه في أصله للتغطية الحسية فنقل للتغطية المعنوية كالفسوق فإنه من فسقت الثمرة إذا خرجت من قشرها وفسق عن الطريق عدل عن جادته، والعصيان أصله من عصت النواة صلبت واشتدت فنقل للامتناع عن الانقياد. قوله : الا للراشدين ) كما اختاره الزمخشري على أنه مفعول له فلما ورد عليه أن شرطه اتحادهما فاعلا أوّله بأن الرشد هنا مسبب عن التحبيب والتزيين والتكريه وهو فعل اللّه فردّه المصنف بأنه مسند إلى ضميرهم هنا فلا يوجد الشرط المذكور في العربية فكونه عبارة عما ذكر لا يفيد هنا ويرد عليه أنه بعد التأويل لا يكون مسنداً لضميرهم بل دلّه وقد جوّز المصنف مثله في قوله :﴿ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾ [ سورة الرعد، الآية : ١٢ ] لقوله : ثمة أنّ إراءتهم تستلزم رؤيتهم مع اختلاف المسند إليه فيهما وليس ما ذكره المصنف والزمخشريّ هنا في شيء من الاعتزال كما توهم لأنّ الرشد فعل الله عند أهل الحق لا مسبب عنه لأنّ الكلام فيما يقال له فعل وفاعل عند أهل اللغة لا عند أهل الكلام، ولا حاجة إلى تأويله بأنّ المراد بالفعل الإيقاع والأحداث والرشد بمعنى إصابة الطريق السويّ بإيقاع الله وأحداثه بخلاف الفضل فإنه بمعنى الأفضال وهو نفس الإيقاع. قوله :( أو مصدر لغير فعله ) فهو على الأوّل مفعول له، وعلى هذا مفعول مطلق من