ج٨ص٧٧
معناه كقعدت جلوساً إمّا منصوب بحبب أو بالراشدون وإليه أشار بقوله : فإنّ التحبيب الخ، وقوله : بأحوال المؤمنين الخ إشارة إلى أنه تذييل لما قبله من قوله : يا أيها الذين آمنوا الخ أو لقوله : أولئك الخ، وقوله : والجمع باعتبار المعنى فإنّ مقتضى الظاهر اقتتلنا لكن كل طائفة جماعة فهما جمع في المعنى، وإن كان مثنى لفظاً فهو من اعتبار المعنى أوّلاً واللفظ ثانيا عكس المشهور في الاستعمال، والنكتة فيه ما قيل إنهم أوّلاً في حال القتال مختلطون مجتمعون فلذا جمع أوّلاً ضميرهم وفي حال الإصلاح متميزون متفارقون فلذا ثنى الضمير وهو كلام حسن صالح لكونه وجها مستقلا. قوله :( إلى حكمه ( على أنّ الأمر واحد الأمور فالمراد به الحكم أو على أنه واحد الأوامر والمراد به لازمه وهو الحكم، وقوله : أو ما أمر به على أنّ الأمر واحد الأوامر والمراد بالأمر المأمور به مجازاً وترجع تفسير لتفيء والفيء كل معناه يرجع إلى الرجوع
فالفيء الظل الواقع بعد الزوال سمي به لرجوعه بعدما أزالته الشمس، وهذا بناء على المشهور وفي اللغة من الفرق بين الظل والفيء في أصل الوضمع وقد يستعملان بمعنى كما بين في كتب اللغة، وقوله : لرجوعها الخ الرجوع يشعر بأنها كانت للمسلمين قبل الرجوع، ووجه بأن المال لله تعالى خلقه لعباده فكان حقه أن يكون بيد من تحقق بالعبودية من المسلمين فلذا جعل رجوعا لجعل الاستحقاق الذاتي بمنزلة التملك حقيقة، وهو كلام حسن. قوله :( بفصل الخ ) تفسير لقوله : بالعدل، وقوله : هاهنا يعني ولم يقيد به قبل في قوله : فأصلحو! بينهما لأنّ هذا لوقوعه بعد المقاتلة مظنة للتحامل عليهم بالإساءة ولإيهام أنهم لما أحوجوهم للقتال استحقوا الحيف عليهم، وقوله : في كل الأمور العموم من ترك المفعول والمتعلق. قوله :( يحمد فعلهم الخ ا لأن محبة الله للفعل أو للعبد كونه مرضياً ومنعماً عليه، وأنما لم يقصر المسافة فيفسره بحسن الجزاء أوّلاً لأنّ محبة الله للعبد بمعنى إنعامه عليه كما قاله الراغب إشارة إلى انّ هذا الكلام مع دلالته على أنه تعالى يجزيهم أحسن الجزاء كما تفيده المحبة دال على ثناء الله عليهم بمجموع هذه الجملة فما قيل إنّ الحمد ليس بمعناه المشهور هنا وهم فهو تفسير لمجموعه والباء للملابسة فتدبر. قوله :( والآية نزلت الخ ) أصل الحديث في الصحيحين مع زيادة ونقص في الرواية وسببه أنه ﷺ وقف على حماو له على مجلس للصحابة فبال الحمار فقال عبد الذ بن أبيّ ابن سلول : سير حمارك فقد أذانا فسبه ابن رواحة رضي الله عنه وكثر الكلام حتى أدى إلى مضاربة الحيين من الأنصار وهما الأوس والخزرج كما فصله في الكشاف والسعف قضبان النخلى وجريده. قوله :( وهي تدل على أن الباغي مؤمن الخ ( أي الآية دالة على ذلك لجعل الطائفتين الباغية والمبغيّ عليها من المؤمنين وهو رد على الخوارج القائلين بكفر من بغى وارتكب الكبيرة لا على المعتزلة في تخليد الفسقة إذ لم يتعرّض له المصنف، وقوله : قبض عن الحرب وفي نسخة قبض يده عن الحرب أي كف عنه، وقوله : كما جاء في الحديث إشارة إلى قوله ﷺ :" إن الله حكم فيمن بفى من هذه الأمّة أن لا يجهز على جريحها ولا يقتل
أسيرها ولا يطلب هاربها ولا يقسم فيؤها ) كما رواه الحاكم وغيره، وقوله : لأنه أي الترك فيء مصدر وهو خبره أو الضمير للشان وفيء ماض مجهول، وكون الترك فيئاً يفهم من مقابلته للمقاتلة في النظم ومعاونة من يبغي عليه تفهم من قوله : فقاتلوا التي تبغي فإنها تستلزم ما ذكر وتقديم النصح يفهم من قوله فأصلحوا بينهما قبله، وهذا مفهوم من ترتيب النظم فلا حاجة إلى أن يقال إذا وجب النصح والدعاء للحكم الإلهي عند وجود البغي من الطائفتين فعند وجوده من إحداهما أولى لأنه أرجى لظهور أثره كما قيل. قوله :( من حيث إنهم الخ ) تعليل لتسمية المشاركة في الإيمان أخوّة على أنه تشبيه بليغ أو استعارة شبه المشاركة فيه بالمشاركة في أصل التوالد لأنّ كلاً منهما أصل للبقاء، إذ التوالد منشأ الحياة والإيمان منشأ البقاء الأبدي في الجنان وفي كل منهما قوّة من وجه فلا يتوهم أنه تشبيه مقلوب فقوله : إلى أصل واحد استعارة لجعله كالأصل إلا أن يكون واحد الأصول الدينية، وهو بعيد. قوله :( تعليل ا لأنه جملة مستأنفة لبيانه كما هو معروف في أمثاله من الجمل المصدرة بأنّ، وتقريره أي تحقيقه وتوكيده لأنه من لوازم الأخوة أن يصطلحا، وقوله : ولذلك الخ فيه لف ونشر مشوّس فالتكرير للتقرير والترتيب