ج٨ص٨٨
يقتضي تخصيصه بالفجار إذ ليس لغيره كاتب للسيئات فلا وجه له لشموله للفريقين بذكر الشهيد معه كما عرفته. قوله :( وقيل السائق نفسه ا لا يخفى ضعفه لأنّ المعية تأباه والتجريد بعيد، وقوله : أو قرينه يعني شيطانه المقارن له في الدنيا هو أيضا مما لا قرينة في النظم عليه مع أنّ جعل الأعمال شهيدا غير ظاهر وأمّا اقتضاؤه تخصيص كل نفس بالفجار فلا. قوله :( ومحل معها النصب على الحال ) قيل : الأولى أن يجعل استئنافا بيانياً وقال أبو حيان : معها صفة وما بعده فاعلى به لاعتماده أو المبتدأ، والخبر صفة وأورد عليه أنّ الأخبار بعد العلم بها أوصاف، ومضمون هذه الجملة غير معلوم فلا يكون صفة إلا أنّ يدعي به ولذا عبر عنه بالماضي، وقد مرّ غير مرّة أنّ ما ذكره غير مسلم، وأنّ ما ذكره أهل المعاني ليس المراد به ظاهره فتذكره، ولا تغتر بما ذكر. قوله :( لإضافته إلى ما هو في حكم المعرفة ) هذا، وإن تبع فيه المصنف الزمخشريّ محل بحث لأنّ الإضافة للنكرة تسوغ مجيء الحال منها، وأيضاً كل يفيد العموم، وهو من المسوّغات كما في شرح التسهيل، وما ذكره تكلف لا تساعده قواعد العربية، والمراد منه كما نقل عن الزمخشريّ أنّ كل نفس في معنى كل النفوس لأنّ الأصل في كل أن تضاف إلى الجمع كأفعل التفضيل يعني أنّ هذا أصله، وقد عدل عنه في الاستعمال للتفرقة بين كل الإفرادي، والمجموعي فسقط ما قيل من أنه مسلم في كل المجموعي فتدبر. قوله :) على إضمار القول ) فيقدر يقال لها أو، وقد قيل لها ليرتبط معناه، واعرابه بما قبله، وقوله : والخطاب لكل نفس أي عامّ لكل من يصلح للخطاب كما في قوله :﴿ وَلَوْ تَرَىَ ﴾ [ سورة الأنعام، الآية : ٩٣ ] وقوله : إذ ما من أحد الخ دفع لما يتوهم من أنّ المراد بالغفلة عدم العلم بالبعث، وكل نفس ليست كذلك لأنّ المراد بالغفلة الذهول عن أخطارها بالبال بعد العلم، وهو قلما يخلو عنه أحد، ولذا خصه بعضهم بالنفس الكافرة، وقد أيد هذا بأنّ تنكير الغفلة، وجعله فيها، وهي فيه يدل على
أنها غفلة تامّة مقتضية لعدم العلم بها رأساً وفيه نظر. قوله :( ويؤيد الأوّل ) أي كون الخطاب للنفس لتأنيثه والقراءة المشهورة ليست على تأويل النفس بالشخص كما قيل ومثل له بقوله :
يا نفس إنك باللذات س! رور
لأنّ التعبير بالنفس في الحكاية لا يستدعي اعتباره في المحكي حتى يحتاج إلى التأويل
كما في المفال المذكور لأنّ الفرق بينهما ظاهر، واعلم أنّ الغفلة جعلت غطاء وهو إمّا غطاء الجسد كله أو العينين وعلى كليهما يصح فكشفنا الخ أمّا على الثاني فظاهر وأمّا على الأوّل فلأن غطاء الجسد كله غطاء للعين أيضا. قوله :( قال الملك الموكل عليه ) في الدنيا لكتابة أعماله، وهو الرقيب السابق ذكره فأفراده لتأويله كما مرّ في الرقيب وقوله : حاضر لدقي من العتاد، وهو الإعداد والإحضار ويقال : فرس عتد أي حاضر العدو كما قاله الراغب : فهذا إشارة لما في صحفه. قوله :( أو الشيطان الذي قيض له ) أي سخره الله له فهو مقارن له يغويه فيكون معه ملكان أحدهما يسوقه والآخر يشهد عليه مع شيطان يقول ما ذكر، وقد كان مقرونا به في الدنيا وفي الآخرة أتى به معه أيضا ولا يلزم منه تخصيص كل نفس حتى ينبني على قول غير مرضيئ بل هو تفصيل لما تضمته العموم كما مرّ، وقوله : هذا ما عندي الخ تفسير لقوله : هذا ما لدي الخ على القول الثاني، وقوله : في ملكي وفي خسخة ملكتي وهو بمعناه أيضا والمراد إنه مسخر له في قبضة تصرفه وتملكه وعتيد بمعنى معدّ للعذاب وهذا إشارة للشخص نفسه، وقوله : فعتيد صفتها كقوله : لديّ وتركه لظهوره، وأمّا تعلقه بما فلا وجه له وعلى الموصولية لديّ صلتها، وقوله : فبدلها بناء على أنه يجوز بدل النكرة من المعرفة وإن لم توصف إذا حصلت لفائدة بإبدالها وأمّا تقديره بشيء عتيد على أنّ البدل هو الموصوف المحذوف الذي قامت صفته مقامه، أو ما الموصولة لإبهامها أشبهت النكرة فجاز إبدالها منها فضعيف لما يلزم الأوّل من حذف البدل، وقد أباه النحاة والثاني يقول به من يشترط النعت فيه فهو صلح من غير تراض للخصمين. قوله :( خطاب من الله للسائق والشهيد ) على أنهما ملكان لا ملك جامع للوصفين كما مرّ وعلى كل حال فهذا فيه قول مقدر كما مرّ، ورجح الوجه الثاني لأنه يشهد له قوله تعالى :﴿ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ﴾ [ سورة ق، الآية : ٢٧ ] والقرآن يفسر بعضه بعضا ولذا اقتصر المصنف عليه فيما بعده، وقوله : أولو أحد أي لملك واحد من خزنة النار أو المراد


الصفحة التالية
Icon