ج٨ص٨٩
بقوله : سائق وشهيد كما مرّ. قوله :( وتثنية الفاعل منزل منزلة تثنية الفعل الخ ( على أنّ أصله
الق ألق ثم حذف الفعل الثاني، وأبقى ضميره مع الفعل الأوّل فثني الضمير للدلالة على ما ذكر كما في قوله : فإن تزجراني أصله تزجرني تزجرني بدليل قوله : يا ابن عفان ومعنى البيت ظاهر، وهذا القول منقول عن المازني ولا يخفى بعده وهل هو حقيقة أو مجاز لم يتعرّضوا له فحرّره، وقوله : بدل من نون التوكيد لأنها تبدل ألفا في الوقف فأجرى الوصل مجراه، وقوله : كثير المنع من صيغة المبالغة، والخير يطلق على المال لغة وقوله : عن حقوقه المفروضة مأخوذ من المقام وقرينة الذم، وقوله : وقيل الخ فاً لصيغة للمبالغة باعتبار كثرة بني أخيه أو باعتبار تكرّر منعه لهم لا باعتبار استمراره كما لا يخفى، ومرضه المصنف لأنه لو كان المراد هذا كان مقتضى الظاهر أن يقول مناع عن الخير. قوله :( وخبره فألقياه ) أي فيقال في حقه ألقياه أو لكونه في معنى جواب الشرط لا يحتاج للتأويل، وقوله : تكريرا للتوكيد الخ مخالف لما ذكره أهل المعاني من أنّ بين المؤكد والمؤكد شدة اتصال تمنع من العطف، إلا أنه قيل إنه نظير قوله : فلا تحسبنهم الخ والفاء هنا للإشعار بأنّ الإلقاء للصفات المذكورة أو من باب وحقك ثم حقك نزل التغاير بين المؤكد والمؤكد والمفسر والمفسر منزلة التغاير بين الذاتين بوجه خطابي، ولا يدعي التغاير الحقيقي لأنّ التأكيد يأباه فما قيل إنه نظير قوله :﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا ﴾ [ سورة القمر، الآية : ٩ ] لأنّ المراد كذبوه تكذيبا عقب تكذيبا لا يصح تفسير كلام المصنف به إلا أن يريدانه توجيه آخر للنظم ولو جعل العذاب الشديد نوعا من عذاب جهنم ومن أهواله على أنه من باب ملائكتة وجبريل كان حسنا ( أقول ) قال ابن مالك في التسهيل فصل الجملتين في التأكيد بثم إن أمن اللبس أجود من وصلهما، وذكر بعض النحاة الفاء وذكر الزمخشريّ في الجاثية الواو أيضاً واتفق النحاة على أنه تأكيد اصطلاحيّ وكلام أهل المعاني في إطلاق منعه غير سديد فالحق ما ذكره المدقق فاحفظه. قوله :( فإنه جواب لمحذوف دل عليه الخ ) قيل إنه تعليل لمقدمة مطوية دل عليها ما قبله، وهي إنّ هاهنا تقاولاً وفي كلامه تسامح فإن قال : جواب لسؤال ناشئ عن ذلك المحذوف يعني إنه مبنيّ على المسامحة وتنزيل منشأ
السؤال منزلة السؤال نفسه، وقوله : دل عليه الخ يعني أنّ الدليل على التقاول وأنّ ثمة محذوفا هو قوله : لا تختصموا، وهذا القول يدل على تعيين ذلك المحذوف كما بينه في الكشاف فتأمّل. قوله :( بخلاف الأولى فإنها واجبة العطف الخ ا لأنهما جملتان خبريتان، وقد اجتمع مفهوماهما في حالة واحدة بخلاف ما قبل هذه فإنه كلام إنشائي غير مقارن لمضمون هذه الجملة فيدل على مقاولة مطوية، وقوله : فأعنته عليه دفع لما يتوهم من التدافع بين مضمون هدّه الجملة ومضمون قوله : هذا ما لديّ عتيد على التفسير الثاني فإنه عين الإطغاء بأن ما مز هو تزيينه له بوسوسته له، واعانته على كفره من غير تسليط له عليه كقوله :﴿ مَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ ﴾ كما مرّ تفسيره وأشار إليه بقوله : فإنّ إغواء الشيطان الخ. قوله :( عالمين بأني أوعدتكم الخ ( أوّل تقديم الوعيد بالعلم لتصح الحالية ويكون بين الحال وعاملها مقارنة زمانية، وإن كان ماضيا بحسب الظاهر فإن الاختصام في الآخرة وتقديم الوعيد في الدنيا فلا مقاربة بينهما فضلا عن المقارنة إلا إذا أوّل بالعلم بتقدّمه، وقوله : على أنّ قدّم بمعنى تقدّم فهو لازم يعدّى بالباء. قوله :( ويجوز أن يكون بالوعيد حالاً ) من الفاعل أو المفعول والباء للملابسة أو المعية والمعنى قدمت هذا القول موعداً لكم به أو حال كون القول ملتبسا بالوعيد، وقوله : واقعاً على قوله : الخ يعني أنه مفعوله مراداً به لفظه أي قدّمت هذا القول. قوله :( وعفو بعض المذنبين الخ ) هذا بناء على أنّ الوعد والوعيد كل منهما إخبار من الله بثواب أو عقاب فلا يجوز تخلفه لئلا يلزم الكذب في إخباره، وما يقع من التخلف في الوعيد لأسباب تخصصه كتوبة الموعود أو إرادة الله ومشيئته للعفو عنه، وقيل : إنّ الوعد لا يتخلف لأنه ينافي الكرم بخلاف الوعيد فإنّ تخلفه بمقتضى الكرم ولا يلزم الكذب إمّ لما ذكر أو لأنه إنشاء ولذا قال الشاعر في المدح :
وأني وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي