(يَقُولُونَ) حالا من الراسخين. وقرأ عبد اللَّه : إن تأويله إلا عند اللَّه. وقرأ أبىّ : ويقول الراسخون.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٨ إلى ٩]
رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨) رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٩)
لا تُزِغْ قُلُوبَنا لا تبلنا ببلايا تزيغ فيها قلوبنا «١» بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وأرشدتنا لدينك. أو لا تمنعنا ألطافك بعد إذ لطفت بنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً من عندك نعمة بالتوفيق والمعونة. وقرئ لا تزغ قلوبنا، بالتاء والياء ورفع القلوب جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ أى تجمعهم لحساب يوم أو لجزاء يوم، كقوله تعالى :(يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ) : وقرئ : جامع الناس، على الأصل (إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) معناه أنّ الإلهية تنافى خلف الميعاد كقولك : إن الجواد لا يخيب سائله والميعاد : الموعد. قرأ على رضى اللَّه عنه. لن تغنى بسكون الياء، وهذا من الجدّ في استثقال الحركة على حروف اللين.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٠ إلى ١٢]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (١١) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢)
(مِنَ) في قوله مِنَ اللَّهِ مثله في قوله :(وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) والمعنى : لن تغنى عنهم من رحمة اللَّه أو من طاعة اللَّه شَيْئاً أى بدل رحمته وطاعته وبدل الحق : ومنه «و لا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ» أى لا ينفعه جدّه وحظه من الدنيا بدلك، أى بدل طاعتك وعبادتك وما عندك
(١). قال محمود :«معناه ربنا لا تبلنا ببلايا... الخ» قال أحمد : أما أهل السنة فيدعون اللَّه بهذه الدعوة غير محرفة، لأنهم يوحدون حق التوحيد، فيعتقدون أن كل حادث من هدى وزيغ مخلوق للَّه تعالى. وأما القدرية فعندهم أن الزيغ لا يخلقه اللَّه تعالى وإنما يخلقه العبد لنفسه، فلا يدعون اللَّه تعالى بهذه الدعوة إلا محرفة إلى غير المراد بها كما أولها المصنف به، وإن كنا ندعو اللَّه تعالى مضافا إلى هذه الدعوة بأن لا يبتلينا ولا يمنعنا لطفه آمين، لأن الكل فعله وخلقه، ولا موجود إلا هو وأفعاله، التي نحن وأفعالنا منها.