الشرطية. وفي قراءة عبد اللَّه. إن يصدوكم. ومعنى صدّهم إياهم عن المسجد الحرام : منع أهل مكة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم والمؤمنين يوم الحديبية عن العمرة، ومعنى الاعتداء : الانتقام منهم بإلحاق مكروه بهم وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى على العفو والإغضاء وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ على الانتقام والتشفي. ويجوز أن يراد العموم لكل برّ وتقوى وكل إثم وعدوان، فيتناول بعمومه العفو والانتصار.
[سورة المائدة (٥) : آية ٣]
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣)
كان أهل الجاهلية يأكلون هذه المحرمات : البهيمة التي تموت حتف أنفها، والفصيد وهو الدم في المباعر «١»، يشوونها ويقولون : لم يحرم من فزد له وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ أى رفع الصوت به لغير اللَّه، وهو قولهم : باسم اللات والعزى عند ذبحه وَالْمُنْخَنِقَةُ التي خنقوها حتى ماتت، أو انخنقت بسبب وَالْمَوْقُوذَةُ التي أثخنوها ضربا بعصا أو حجر حتى ماتت وَالْمُتَرَدِّيَةُ التي تردّت من جبل أو في بئر فماتت وَالنَّطِيحَةُ التي نطحتها أخرى فماتت بالنطح وَما أَكَلَ السَّبُعُ بعضه إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ إلا ما أدركتم ذكاته وهو يضطرب اضطراب المذبوح وتشخب أوداجه. وقرأ عبد اللَّه : والمنطوحة. وفي رواية عن أبى عمرو (السَّبُعُ) بسكون الباء. وقرأ ابن عباس :
وأكيل السبع وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ كانت لهم حجارة منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويشرحون اللحم عليها، يعظمونها بذلك ويتقربون به إليها، تسمى الأنصاب، والنصب واحد. قال الأعشى :
وَذَا النَّصْبِ الْمَنْصُوبِ لَا تَعْبُدَنَّهُ لِعَاقِبَةٍ وَاللَّهَ رَبَّكَ فَاعْبُدَا «٢»
(١). قوله «و هو الدم في المباعر» المباعر :
الأمعاء يجعل فيها الدم بعد فصده ويشوى للضيف. وقولهم «لم يحرم | الخ» جار مجرى الأمثال. و«فزد» مبنى للمجهول، أصله «فصد» فسكنت صاده تخفيفا ثم قلبت زايا. انتهى. (ع) |
وصل على حين العشيات والضحى ولا تحمد الشيطان واللَّه فاحمدا
للأعشى. و«النصب» كضرب وكشرب. وفي لغة : كسبب. وفي لغة كعنق. ويحتملها ما هنا : العلم المنصوب.
والمراد به هنا الصنم وأحد الحجارة التي كانت منصوبة حول البيت يذبحون لأجلها الهدى يتقربون به إليها. و«ذا» اسم إشارة نصب بمحذوف يفسره المذكور على طريقة الاشتغال. وجعله الجوهري على تقدير : إياك وهذا النصب فهو منصوب على التحذير ويروى لا تنسكنه بدل تعبدنه. ويروى «المثرين» بدل «الشيطان» أى الأغنياء.
ويروى بدل الشطر الثاني «و اللَّه ربك فاعبدا» و«لعاقبة» أى لطلب عاقبة. وتقديم المعمول لافادة الحصر ولزيادة الفاء. ويجوز أنه على تقدير : والزم اللَّه ربك فهو نصب على الإغراء، والفاء عاطفة على المقدر. و«اعبدا» مؤكد بالنون المبدلة ألفا للوقف. و«على» بمعنى «في» وروى «سبح» بدل «صل» والمعنى واحد، أى صل الصلوات وقت الضحى والعشيات. واحمدا كاعبدا.