فلما توفيت ليا تزوج أختها راحيل، فولدت له بنيامين ويوسف.
[سورة يوسف (١٢) : آية ٨]
إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨)
لَيُوسُفُ اللام للابتداء. وفيها تأكيد وتحقيق لمضمون الجملة. أرادوا أنّ زيادة محبته لهما أمر ثابت «١» لا شبهة فيه وَأَخُوهُ هو بنيامين. وإنما قالوا أخوه وهم جميعاً إخوته، لأنّ أمّهما كانت واحدة. وقيل أَحَبُّ في الاثنين، لأن أفعل من لا يفرّق فيه بين الواحد وما فوقه، ولا بين المذكر والمؤنث إذا كان معه «من» ولا بد من الفرق مع لام التعريف، وإذا أضيف جاز الأمران. والواو في وَنَحْنُ عُصْبَةٌ واو الحال. يعنى : أنه يفضلهما في المحبة علينا، وهما اثنان صغيران لا كفاية فيهما ولا منفعة، ونحن جماعة عشرة رجال كفأة نقوم بمرافقه، فنحن أحقّ بزيادة المحبة منهما، لفضلنا بالكثرة والمنفعة عليهما إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أى في ذهاب عن طريق الصواب في ذلك. والعصبة والعصابة : العشرة فصاعداً. وقيل : إلى الأربعين، سموا بذلك لأنهم جماعة تعصب بهم الأمور ويستكفون النوائب. وروى النزال بن سبرة عن علىّ رضى اللّه عنه : ونحن عصبة، بالنصب. وقيل : معناه ونحن نجتمع عصبة. وعن ابن الأنبارى هذا كما تقول العرب، إنما العامري عمته، أى يتعهد عمته.
[سورة يوسف (١٢) : آية ٩]
اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ (٩)
(١). قال محمود :«اللام للتوكيد، دخلت للاشعار بأن زيادة محبة أبيهم لهما أمر ثابت... الخ» قال أحمد :
وهذه تؤيد قراءة ابن مروان هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ بالنصب. وقد قال سيبويه فيها : احتبى ابن مروان في لحنه، أى تمكن. وحيث تأيدت بقراءة أمير المؤمنين كرم اللّه وجهه، فلا بد من التماس المحمل الصحيح لها وليس ذلك ببعيد إن شاء اللّه فنقول : لو قالوا «ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن نحن» على طريقة :
أنا أبو النجم وشعري شعري
ونحو : أنا أنا وأنت أنت. لم يكن في فصاحته مقال : وقد علمت أن معنى أنا أنا : أى أنا الموصوف بالأوصاف الشهيرة التي استغنى عن ذكرها، فلا بعد والحالة هذه في حذف الخبر، لمساواته المبتدأ وعدم زيادته عليه لفظا، وراحة من تكرار اللفظ بعينه، والسياق يرشد إلى المحذوف، وإذا كان كذلك فقول القائلين لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ معناه : ونحن نحن، ولكن استغنوا عن الخبر للسر الذي ذكرناه، فقولهم : نَحْنُ كلام تام بالتقدير بالمذكور، فلا غرو في وقوع الحال بعده، وهذا بعينه يجرى في قوله هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فقوله هُنَّ في حكم الكلام التام. والمراد : هؤلاء بناتي هن المشهورات بالأوصاف الحميدة الظاهرة. وأصل الكلام : هن هن، فوقع الحال بعد التمام، واللّه أعلم.