تكأة يتكئ عليها. قال جميل :
فَظَلَلْنَا بِنِعْمَةٍ وَاتَّكَأْنَا وَشَرِبْنَا الْحَلَالَ مِنْ قُلَلِهْ «١»
وعن مجاهد مُتَّكَأً طعاما يحزّ حزّا، كأن المعنى يعتمد بالسكين، لأنّ القاطع يتكئ على المقطوع بالسكين. وقرئ متكا بغير همز. وعن الحسن : متكاء بالمدّ، كأنه مفتعال، وذلك لإشباع فتحة الكاف، كقوله «بُمْنتَزاحِ» «٢» بمعنى بمنتزح. ونحوه «يَنْبَاعُ» «٣» بمعنى ينبع. وقرئ :
متكا وهو الأترج، وأنشد :
فَأَهْدَتْ مَتْكَةً لِبَنِى أبِيهَا تَخُبُّ بِهَا العثَمْثَمَةُ الْوِقَاحُ «٤»
وكانت أهدت أترجة على ناقة، وكأنها الأترجة التي ذكرها أبو داود في سننه أنها شقت بنصفين، وحملا كالعدلين على جمل. وقيل : الزماورد «٥» وعن وهب : أترجا وموزاً وبطيخا.
وقيل : أعتدت لهنَّ ما يقطع، من متك الشيء بمعنى بتكه إذا قطعه. وقرأ الأعرج : مُتَّكَأً مفعلا، من تكئ يتكأ، إذا اتكأ أَكْبَرْنَهُ أعظمنه وهبن ذلك الحسن الرائع والجمال الفائق.
قيل : كان فضل يوسف على الناس في الحسن كفضل القمر ليلة البدر على نجوم السماء. وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم :«مررت بيوسف الليلة التي عرج بى إلى السماء، فقلت لجبريل : من هذا؟
فقال يوسف»
فقيل : يا رسول اللّه، كيف رأيته؟ قال «كالقمر ليلة البدر «٦»» وقيل كان يوسف إذا سار في أزقة مصر يرى تلألؤ وجهه على الجدران، كما يرى نور الشمس من الماء عليها.

__
(١). لحميد بن ثور. وقيل لجميل بن معمر. وظل يظل من باب علم. يقول : فظللنا في نعمة أو ملتبسين بنعمة.
واتكأنا : أصله اوتكأنا فتاؤه الأولى واو : أى اتخذنا متكأ اضطجعنا عليه، وشربنا الشراب الحلال يمنى النبيذ، من قلله : جمع قلة، وهي الجرة العظيمة. ففي ذكر القلل دلالة على التوسع في الشرب وعدم التحجر فيه.
(٢). قوله «بمنتزاح» هو من قول الشاعر :
وأنت من الغوائل حين ترمى وعن ذم الرجال بمنتزاح
والبيت لابن هرمة يرثى ابنه. والغوائل : الحوادث التي تغتال النفوس وتهلكها. ونزح : إذا بعد، والمنتزح :
اسم لمكان البعد، وأشبعت فتحته فتولدت منها الألف كقولهم : ينباع في ينبع، وعقراب في عقرب. [.....]
(٣). قوله «ينباع» هو من قول الشاعر :
ينباع من ذفرى أسيل حرة زيافة مثل الفنيق المكدم
وقد مر شرح هذا البيت في سورة الأعراف بهذا الجزء صفحة ١٢٢ فراجعه إن شئت اه مصححه.
(٤). المتكة : الأترجة، وكأنه التي ذكر أبو داود في سننه أنها شقت نصفين وحملت على ناقة. والخبب :
نوع من السير. والعثمثمة : الصلبة : والوقاح - بالفتح - : شديدة وقع الخف على الأرض.
(٥). قوله «الزماورد» هو الرقاق المحشو باللحم. (ع)
(٦). أخرجه الثعلبي من رواية أبى هارون العبدى عن أبى سعيد. وأخرجه الحاكم والبيهقي في الدلائل وابن مردويه من هذا الوجه مطولا.


الصفحة التالية
Icon