[سورة يوسف (١٢) : آية ٨٠]
فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٠)اسْتَيْأَسُوا يئسوا. وزيادة السين والتاء في المبالغة نحو ما مرّ في استعصم. و«النجي» على معنيين : يكون بمعنى المناجى، كالعشير والسمير بمعنى : المعاشر والمسامر، ومنه قوله تعالى وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا : وبمعنى المصدر الذي هو التناجي، كما قيل النجوى بمعناه. ومنه قيل : قوم نجى، كما قيل وَإِذْ هُمْ نَجْوى تنزيلا للمصدر منزلة الأوصاف. ويجوز أن يقال : هم نجى، كما قيل : هم صديق، لأنه بزنة المصادر وجمع أنجية. قال :
إنِّى إذَا مَا الْقَوْمُ كَانُوا أَنْجِيَهْ «١»
ومعنى خَلَصُوا اعتزلوا وانفردوا عن النسا خالصين لا يخالطهم سواهم نَجِيًّا ذوى نجوى، أو فوجا نجياً، أى مناجياً لمناجاة بعضهم بعضاً. وأحسن منه أنهم تمحضوا تناجياً، لاستجماعهم لذلك، وإفاضتهم فيه يجدّ واهتمام، كأنهم في أنفسهم صورة التناجي وحقيقته، وكان تناجيهم في تدبير أمرهم، على أىّ صفة يذهبون؟ وما ذا يقولون لأبيهم في شأن أخيهم؟ كقوم تعايوا بما دهمهم من الخطب، فاحتاجوا إلى التشاور كَبِيرُهُمْ في السنّ وهو روبيل. وقيل :
رئيسهم وهو شمعون : وقيل : كبيرهم في العقل والرأى وهو يهوذا ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فيه وجوه : أن تكون «ما» صلة، أى : ومن قبل هذا قصرتم في شأن يوسف ولم تحفظوا عهد أبيكم.
وأن تكون مصدرية، على أن محل المصدر الرفع على الابتداء وخبره الظرف، وهو مِنْ قَبْلُ
__
(١) إنى إذا ما القوم كانوا أنجيه واضطرب القوم اضطراب الأرشيه
وشد فوق بعضهم بالأرويه هناك أوصينى ولا توصى بيه
من أبيات الحماسة. و«ما» زائدة. والأنجية. جمع نجى بمعنى المناجى، كالسمير والجليس والعشير، بمعنى المفاعل.
أو النجي : مصدر كالدوى والأزيز والنشيج والنئيج والصهيل، كلها أنواع من الصوت، فيكون على حد «زيد عدل» ولو قلت : إنه جمع نجاء مصدر ناجاه، كقتال مصدر قاتله لجاز، وكان كالأرشية جمع رشاء وهو حبل الاستقاء، والأروية جمع رواء وهو حبل الارتواء والاستقاء أيضا، أى : كانوا فرقا متناجين ومتشاورين فيما نزل بهم واضطربوا قياما وقعوداً وذهابا وإيابا، كاضطراب الأرشية على الماء. ويروى : واضطربت أعناقهم كالأرشية. وشد : مبنى للمجهول، أى : شد بعضهم بعضا وشمره وحزمه بحبال الاستقاء، كناية عن استعدادهم للحرب. ويبعد كونه كناية عن الاستعداد للاستقاء في الزمن الجدب هناك، أى : في ذلك الزمان أو المكان.
قيل : أو فيهما أكون شجاعا صبوراً، فأوصينى بغيري ولا توصى غيرى بيه. وظاهر البيت جواز الاخبار عن اسم إن بجملة إنشائية وليس كذلك، بل هو على التأويل كما ترى. والخطاب لمؤنثة. ويجوز : أنه لمذكر. وثبوت الياء في الفعلين للإشباع. والهاء في «بيه» للسكت. فهذا كناية عن شجاعته وتجلده. أو كناية عن كرمه على البعد.
(١) إنى إذا ما القوم كانوا أنجيه واضطرب القوم اضطراب الأرشيه
وشد فوق بعضهم بالأرويه هناك أوصينى ولا توصى بيه
من أبيات الحماسة. و«ما» زائدة. والأنجية. جمع نجى بمعنى المناجى، كالسمير والجليس والعشير، بمعنى المفاعل.
أو النجي : مصدر كالدوى والأزيز والنشيج والنئيج والصهيل، كلها أنواع من الصوت، فيكون على حد «زيد عدل» ولو قلت : إنه جمع نجاء مصدر ناجاه، كقتال مصدر قاتله لجاز، وكان كالأرشية جمع رشاء وهو حبل الاستقاء، والأروية جمع رواء وهو حبل الارتواء والاستقاء أيضا، أى : كانوا فرقا متناجين ومتشاورين فيما نزل بهم واضطربوا قياما وقعوداً وذهابا وإيابا، كاضطراب الأرشية على الماء. ويروى : واضطربت أعناقهم كالأرشية. وشد : مبنى للمجهول، أى : شد بعضهم بعضا وشمره وحزمه بحبال الاستقاء، كناية عن استعدادهم للحرب. ويبعد كونه كناية عن الاستعداد للاستقاء في الزمن الجدب هناك، أى : في ذلك الزمان أو المكان.
قيل : أو فيهما أكون شجاعا صبوراً، فأوصينى بغيري ولا توصى غيرى بيه. وظاهر البيت جواز الاخبار عن اسم إن بجملة إنشائية وليس كذلك، بل هو على التأويل كما ترى. والخطاب لمؤنثة. ويجوز : أنه لمذكر. وثبوت الياء في الفعلين للإشباع. والهاء في «بيه» للسكت. فهذا كناية عن شجاعته وتجلده. أو كناية عن كرمه على البعد.