مجاهد : أنّ الضمير للقاتل الأوّل. وقرئ : فلا تسرف، على خطاب الولي أو قاتل المظلوم.
وفي قراءة أبىّ : فلا تسرفوا، ردّه على : ولا تقتلوا إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً الضمير إمّا للولي، يعنى حسبه أنّ اللّه قد نصره بأن أوجب له القصاص فلا يستزد على ذلك، وبأنّ اللّه قد نصره «١» بمعونة السلطان وبإظهار المؤمنين على استيفاء الحق، فلا يبغ ما وراء حقه. وإمّا للمظلوم، لأنّ اللّه ناصره وحيث أوجب القصاص بقتله، وينصره في الآخرة بالثواب. وإما للذي يقتله الولي بغير حق ويسرف في قتله، فإنه منصور بإيجاب القصاص على المسرف.
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٣٤]
وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً (٣٤)
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ بالخصلة أو الطريقة التي هي أحسن، وهي حفظه عليه وتثميره إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا أى مطلوبا يطلب من المعاهد أن لا يضيعه ويفي به «٢». ويجوز أن يكون تخييلا، كأنه يقال للعهد : لم نكثت؟ وهلا وفي بك؟ تبكيتا للناكث، كما يقال للموءودة : بأى ذنب قتلت؟ ويجوز أن يراد أنّ صاحب العهد كان مسئولا.
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٣٥]
وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (٣٥)
وقرئ بِالْقِسْطاسِ بالضم والكسر، وهو القرسطون «٣». وقيل : كل ميزان صغر أو كبر من موازين الدراهم وغيرهما وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا وأحسن عاقبة، وهو تفعيل، من آل إذا رجع، وهو ما يؤول إليه.
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٣٦]
وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (٣٦)
(١). قوله «و بأن اللّه قد نصره» لعله أو أن. (ع)
(٢). قال محمود :«أى يطلب من المعاهد أن يفي به ولا ينكثه... الخ» قال أحمد، كلام حسن إلا لفظة التخييل فقد تقدم إنكارها عليه، وينبغي أن يعوض بالتمثيل. والظاهر التأويل الأول، ويكون المجرور الذي هو «عنه» حذف تخفيفا، وقد ذكر في بقية الآي كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا واللّه أعلم. وبعضد تأويل سؤال العهد نفسه على وجه التمثيل وقوف الرحم بين يدي اللّه وسؤالها فيمن وصلها وقطعها. وقد ورد ذلك في الحديث الصحيح، واللّه الموفق. [.....]
(٣). قوله «بالقسطاس بالضم والكسر وهو القرسطون» أى القبان، كذا في النسفي. (ع)