أو من الراجع إليه من الصلة على : أأسجد لمن كان في وقت خلقه طينا أَرَأَيْتَكَ الكاف للخطاب. وهذَا مفعول به. والمعنى : أخبرنى عن هذا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ أى فضلته، لم كرمته علىّ وأنا خير منه؟ فاختصر الكلام بحذف ذلك، ثم ابتدأ فقال لَئِنْ أَخَّرْتَنِ واللام موطئة للقسم المحذوف لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ لأستأصلتهم بالإغواء، من احتنك الجراد الأرض إذا جرد ما عليها أكلا، وهو من الحنك. ومنه ما ذكر سيبويه من قولهم : أحنك الشاتين أى أكلهما. فإن قلت : من أين علم أن ذلك يتسهل له وهو من الغيب؟ قلت : إما أن سمعه من الملائكة وقد أخبرهم اللّه به، أو خرجه من قولهم : أتجعل فيها من يفسد فيها، أو نظر إليه فتوسم في مخايله أنه خلق شهوانى. وقيل : قال ذلك لما علمت وسوسته في آدم، والظاهر أنه قال ذلك قبل أكل آدم من الشجرة اذْهَبْ ليس من الذهاب للذي هو نقيض المجيء، إنما معناه :
امض لشأنك الذي اخترته خذلانا وتخلية، وعقبه بذكر ما جرّه سوء اختياره في قوله فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ كما قال موسى عليه السلام للسامري فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ. فإن قلت : أما كان من حق الضمير في الجزاء أن يكون على لفظ الغيبة ليرجع إلى من تبعك؟ قلت : بلى، ولكن التقدير : فإنّ جهنم جزاؤهم وجزاؤك، ثم غلب المخاطب على الغائب فقيل : جزاؤكم. ويجوز أن يكون للتابعين على طريق الالتفات، وانتصب جَزاءً مَوْفُوراً بما في فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ من معنى تجازون. أو بإضمار تجازون. أو على الحال، لأنّ الجزاء موصوف بالموفور، والموفور الموفر. يقال : فر لصاحبك عرضه فرة.
استفزّه : استخفه. والفز : الخفيف وَأَجْلِبْ من الجلبة وهي الصياح «١». والخيل : الخيالة.
ومنه قول النبي صلى اللّه عليه وسلم :«يا خيل اللّه اركبي» «٢». والرجل اسم جمع للراجل. ونظيره :

__
(١). قوله «من الجلبة وهي الصباح» في الصحاح : جلب على فرسه وأجلب عليه : صاح به من خلفه واستحثه السبق اه. (ع)
(٢). أخرجه أبو الشيخ في الناسخ والمنسوخ من طريق أبى حمزة السكرى عن عبد الكريم : حدثني سعيد بن جير عن قصة المحاربين قال «كان ناس أتوا النبي صلى اللّه عليه وسلم. فقالوا : نبايعك على الإسلام - وذكر القصة وفيها فأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم فنودي في الناس : يا حيل اللّه اركبي : فركبوا لا ينتظر فارس فارسا. روى ابن عائد في المغازي عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة قال : بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - يعنى يوم قريظة يوم الأحزاب مناديا ينادى : يا خيل اللّه اركبي» وعزا السهيلي في الروض في غزوة حنين هذه اللفظة في صحيح مسلم. فينظر فيه. وقال أبو داود في السنن : باب النداء عند النفير : يا خيل اللّه اركبي وساق في الباب حديث سمرة بن جندب «أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سمى خيلنا خيل اللّه» قلت أشكل هذا على المخرج فقال : فيه نظر لمن تأمله. فكأنه لم يتجه له مطابقة الحديث للترجمة. وهو ظاهرها لأن المراد صحة هذه الاضافة. وقد وردت عن على وخالد بن الوليد. ففي المستدرك للحاكم في قصة أويس من حديث أبى نضرة عن أسيد بن جابر فذكر القصة. فقال في آخرها فنادى على : يا خيل اللّه اركبي» وفي الردة للواقدي من رواية عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد أن خالد بن الوليد قال لأصحابه يوم اليمامة «يا خيل اللّه اركبي فركبوا وساروا إلى بنى حنيفة.


الصفحة التالية
Icon