ومنه يبدأ الطلب. وعن عمرو بن عبيد رضى اللّه عنه : لا ينكح، بالجزم على النهى. والمرفوع فيه أيضا معنى النهى، ولكن أبلغ وآكد، كما أن «رحمك اللّه، ويرحمك» أبلغ من «ليرحمك» ويجوز أن يكون خبرا محضا على معنى : أن عادتهم جارية على ذلك، وعلى المؤمن أن لا يدخل نفسه تحت هذه العادة ويتصوّن عنها. وقرئ : وحرم، بفتح الحاء «١».
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٤ إلى ٥]
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)
القذف يكون بالزنى وبغيره، والذي دل على أن المراد قذفهن بالزنى شيئان، أحدهما : ذكر المحصنات عقيب الزواني. والثاني : اشتراط أربعة شهداء، لأنّ القذف بغير الزنى يكفى فيه شاهدان، والقذف بالزنى أن يقول الحرّ العاقل البالغ لمحصنة : يا زانية، أو لمحصن : يا زانى، يا ابن الزاني، يا ابن الزانية، يا ولد الزنا، لست لأبيك، لست لرشدة. والقذف بغير الزنا أن يقول : يا آكل الربا، يا شارب الخمر، يا يهودى، يا مجوسي، يا فاسق، يا خبيث، يا ماص بظر أمّه : فعليه التعزير، ولا يبلغ به أدنى حد العبيد وهو أربعون، بل ينقص منه. وقال أبو يوسف : يجوز أن يبلغ به تسعة وسبعون. وقال : للإمام أن يعزر إلى المائة. وشروط إحصان القذف خمسة : الحرية، والبلوغ، والعقل، والإسلام، والعفة. وقرئ : بأربعة شهداء، بالتنوين. وشهداء : صفة. فإن قلت : كيف يشهدون مجتمعين أو متفرّقين؟ قلت :
الواجب عند أبى حنيفة وأصحابه رضى اللّه عنهم أن يحضروا في مجلس واحد، وإن جاءوا متفرقين كانوا قذفة. وعند الشافعي رضى اللّه عنه : يجوز أن يحضروا متفرّقين. فإن قلت : هل يجوز أن يكون زوج المقذوفة واحدا منهم؟ قلت : يجوز عند أبى حنيفة خلافا للشافعي. فإن قلت :
كيف يجلد القاذف؟ قلت : كما جلد الزاني، إلا أنه لا ينزع عنه من ثيابه إلا ما ينزع عن المرأة من الحشو والفرو. والقاذفة أيضا كالزانية، وأشدّ الضرب ضرب التعزير، ثم ضرب الزنا، ثم ضرب شرب الخمر، ثم ضرب القاذف. قالوا : لأنّ سبب عقوبته محتمل للصدق والكذب، إلا أنه عوقب صيانة للأعراض وردعا عن هتكها. فإن قلت : فإذا لم يكن المقذوف محصنا؟ قلت :
يعزر القاذف ولا يحدّ، إلا أن يكون المقذوف معروفا بما قذف به فلا حدّ ولا تعزير. ردّ شهادة القاذف معلق عند أبى حنيفة رضى اللّه عنه باستيفاء الحد، فإذا شهد قبل الحد أو قبل

__
(١). قوله «بفتح الحاء» لعله : بفتح الحاء والراء. (ع)


الصفحة التالية
Icon