توليهم أنواع الفساد فنهوا عن ذلك. وقرئ : الجبلة، بوزن الأبلة. والجبلة «١»، بوزن الخلقة.
ومعناهنّ واحد، أى : ذوى الجبلة، وهو كقولك : والخلق الأوّلين.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٨٥ إلى ١٨٦]
قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) وَما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (١٨٦)
فإن قلت : هل اختلف المعنى بإدخال الواو هاهنا وتركها في قصة ثمود؟ قلت : إذا أدخلت الواو فقد قصد معنيان : كلاهما مناف للرسالة عندهم : التسحير والبشرية، وأن الرسول لا يجوز أن يكون مسحرا ولا يجوز أن يكون بشرا، وإذا تركت الواو فلم يقصد إلا معنى واحد وهو كونه مسحرا، ثم قرر بكونه بشرا مثلهم. فإن قلت : إن المخففة من الثقيلة ولامها كيف تفرقتا على فعل الظنّ وثانى مفعوليه؟ قلت : أصلهما أن يتفرقا على المبتدإ والخبر، كقولك : إن زيد لمنطلق، فلما كان البابان - أعنى باب كان وباب ظننت - من جنس باب المبتدإ والخبر، فعل ذلك في البابين فقيل : إن كان زيد لمنطلقا، وإن ظننته لمنطلقا.
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ١٨٧]
فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٨٧)
قرئ : كسفا بالسكون والحركة، وكلاهما جمع كسفة، نحو : قطع وسدر. وقيل : الكسف والكسفة، كالريع والريعة، وهي القطعة. وكسفه : قطعه. والسماء : السحاب، أو المظلة.
وما كان طلبهم ذلك إلا لتصميمهم على الجحود والتكذيب. ولو كان فيهم أدنى ميل إلى التصديق لما أخطروه ببالهم فضلا أن يطلبوه. والمعنى : إن كنت صادقا أنك نبىّ، فادع اللّه أن يسقط علينا كسفا من السماء.
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ١٨٨]
قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (١٨٨)
رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ يريد : أنّ اللّه أعلم بأعمالكم وبما تستوجبون عليها من العقاب، فإن أراد أن يعاقبكم بإسقاط كسف من السماء فعل، وإن أراد عقابا آخر فإليه الحكم والمشيئة
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ١٨٩]
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩)

__
(١). قوله «الأبلة والجبلة» في الصحاح «الأبلة» بالضم وتشديد اللام : الغدرة من التمر. وفيه «الغدرة» :
القطعة من اللحم إذا كانت مجتمعة. وفيه أيضا : الجبلة الخلقة. ومنه قوله تعالى وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ وقرأها الحسن بالضم اه (ع)


الصفحة التالية
Icon