فهو مطلع على أمرى وأمركم، وعالم بحقي وباطلكم وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ منكم وهو ما تعبدون من دون اللّه وَكَفَرُوا بِاللَّهِ وآياته أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ المغبونون في صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالإيمان، إلا أن الكلام ورد مورد الإنصاف، كقوله وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وكقول حسان :
فشر كما لخير كما الفداء «١»
وروى أنّ كعب بن الأشرف وأصحابه قالوا : يا محمد، من يشهد لك بأنك رسول اللّه، فنزلت.
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٥٣ إلى ٥٥]
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٣) يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (٥٤) يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٥)
كان استعجال العذاب استهزاء منهم وتكذيبا، والنضر بن الحرث هو الذي قال : اللهم أمطر علينا حجارة من السماء، كما قال أصحاب الأيكة : فأسقط علينا كسفا من السماء وَلَوْلا أَجَلٌ قد سماه اللّه وبينه في اللوح لعذابهم، وأوجبت الحكمة تأخيره إلى ذلك الأجل المسمى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ عاجلا. والمراد بالأجل : الآخرة، لما روى أنّ اللّه تعالى وعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن لا يعذب قومه ولا يستأصلهم، وأن يؤخر عذابهم إلى يوم القيامة «٢».
وقيل : يوم بدر. وقيل : وقت فنائهم بآجالهم لَمُحِيطَةٌ أى ستحيط بهم يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ أو هي محيطة بهم في الدنيا : لأنّ المعاصي التي توجبها محيطة بهم. أو لأنها مآلهم ومرجعهم لا محالة فكأنها الساعة محيطة بهم. ويَوْمَ يَغْشاهُمُ على هذا منصوب بمضمر، أى : يوم يغشاهم العذاب كان كيت وكيت. مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ كقوله تعالى لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ، وَيَقُولُ قرئ بالنون والياء ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أى جزاءه.
[سورة العنكبوت (٢٩) : آية ٥٦]
يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦)
معنى الآية : أنّ المؤمن إذا لم يتسهل له العبادة في بلد هو فيه ولم يتمش له أمر دينه كما يحب
(١). تقدم شرح هذا الشاهد ضمن أبيات بالجزء الثاني صفحة ٥٦٣ فراجعه إن شئت اه مصححه.
(٢). لم أجده.