هاجر من النساء، وهبت نفسها للنبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : قد قبلت، وزوّجها زيدا.
فسخطت هي وأخوها وقالا : إنما أردنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فزوّجنا عبده «١» والمعنى وما صح لرجل ولا امرأة من المؤمنين إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أى رسول اللّه أو لأنّ قضاء رسول اللّه هو قضاء اللّه أَمْراً من الأمور : أن يختاروا من أمرهم ما شاءوا، بل من حقهم أن يجعلوا رأيهم تبعا لرأيه، واختيارهم تلوا لاختياره. فإن قلت : كان من حق الضمير أن يوحد كما تقول : ما جاءني من رجل ولا امرأة إلا كان من شأنه كذا. قلت : نعم ولكنهما وقعا تحت النفي، فعما كل مؤمن ومؤمنة، فرجع الضمير على المعنى لا على اللفظ. وقرئ : يكون، بالتاء والياء. والْخِيَرَةُ ما يتخير.
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٣٧]
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (٣٧)
لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بالإسلام الذي هو أجل النعم، وبتوفيقك لعتقه ومحبته واختصاصه وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ بما وفقك اللّه فيه، فهو متقلب في نعمة اللّه ونعمة رسوله صلى اللّه عليه وسلم، وهو زيد بن حارثة أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ يعنى زينب بنت جحش رضى اللّه عنها، وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أبصرها بعد ما أنكحها إياه، فوقعت في نفسه، فقال : سبحان اللّه مقلب القلوب، وذلك أنّ نفسه كانت تجفو عنها قبل ذلك لا تريدها، ولو أرادتها لاختطبها، وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد، ففطن وألقى اللّه في نفسه كراهة صحبتها والرغبة عنها لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إنى أريد أن أفارق صاحبتي، فقال : مالك : أرابك منها شي ء؟ قال : لا واللّه، ما رأيت منها إلا خيرا، ولكنها تتعظم علىّ لشرفها وتؤذيني، فقال له : أمسك عليك زوجك واتق اللّه، ثم طلقها بعد، فلما اعتدت قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ما أجد أحدا أوثق في نفسي منك، اخطب علىّ زينب. قال زيد : فانطلقت فإذا هي تخمر عجينتها، فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر
(١). أخرجه الثعلبي بهذا بغير سند وروى الطبري من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من قوله ذلك.