سورة الملائكة
مكية، وهي خمس وأربعون آية [نزلت بعد الفرقان ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة فاطر (٣٥) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)
فاطِرِ السَّماواتِ مبتدئها ومبتدعها. وعن مجاهد عن ابن عباس رضى اللّه عنهما : ما كنت أدرى ما فاطر السماوات والأرض، حتى اختصم إلىّ أعرابيان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها «١»، أى ابتدأتها. وقرئ : الذي فطر السماوات والأرض وجعل الملائكة. وقرئ : جاعل الملائكة، بالرفع على المدح رُسُلًا بضم السين وسكونها أُولِي أَجْنِحَةٍ أصحاب أجنحة، وأولو :
اسم جمع لذو، كما أن أولاء اسم جمع لذا، ونظيرهما في المتمكنة : المخاض والخلفة مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ صفات لأجنحة، وإنما لم تنصرف لتكرر العدل فيها. ذلك أنها عدلت عن ألفاظ الأعداد عن صيغ إلى صيغ أخر، كما عدل عمر عن عامر. وحذام عن حاذمة، وعن تكرير إلى غير تكرير. وأما الوصفية فلا يفترق الحال فيما بين المعدولة والمعدول عنها. ألا تراك تقول : مررت بنسوة أربع، وبرجال ثلاثة، فلا يعرج عليها، والمعنى : أن الملائكة «٢» خلقا أجنحتهم اثنان اثنان، أى : لكل واحد منهم جناحان، وخلقا أجنحتهم ثلاثة ثلاثة، وخلقا أجنحتهم أربعة أربعة يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ أى : يزيد في خلق الأجنحة، وفي غيره ما تقتضيه مشيئته وحكمته. والأصل الجناحان، لأنهما بمنزلة اليدين، ثم الثالث والرابع زيادة على الأصل، وذلك أقوى للطيران وأعون عليه. فإن قلت : قياس الشفع من الأجنحة أن يكون في كل شق نصفه، فما صورة الثلاثة؟ قلت : لعل الثالث يكون في وسط الظهر بين الجناحين يمدّهما بقوة. أو لعله لغير الطيران، فقد مرّبى في بعض الكتب أن صنفا من الملائكة لهم ستة أجنحة فجناحان يلفون بها أجسادهم، وجناحان يطيرون بهما في الأمر من أمور اللّه، وجناحان مرخيان على وجوههم حياء من اللّه. وعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «أنه رأى جبريل عليه السلام
__
(١). تقدم في أول الأنعام
(٢). قوله «أن الملائكة خلقا»
لعله : متنوعة خلقا... الخ. (ع)


الصفحة التالية
Icon