بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر، أى يدخلون جنات عدن يدخلونها، ويدخلونها، على البناء للمفعول. ويحلون : من حليت : المرأة، فهي حال وَلُؤْلُؤاً معطوف على محل من أساور، ومن داخلة للتبعيض، أى : يحلون بعض أساور من ذهب، كأنه بعض سابق لسائر الأبعاض، كما سبق المسوّرون به غيرهم : وقيل : إنّ ذلك الذهب في صفاء اللؤلؤ. وقرئ :
ولو لؤلؤا بتخفيف الهمزة الاولى، وقرى : الحزن، والمراد : حزن المتقين، وهو ما أهمهم من خوف سوء العاقبة، كقوله تعالى إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ فمنّ اللّه علينا ووقانا عذاب السموم. وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما : حزن الاعراض والآفات. وعنه : حزن الموت.
وعن الضحاك : حزن إبليس ووسوسته. وقيل : همّ المعاش. وقيل : حزن زوال النعم، وقد أكثروا حتى قال بعضهم : كراء الدار، ومعناه : أنه يعم كل حزن من أحزان الدين والدنيا حتى هذا. وعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «ليس على أهل لا إله إلا اللّه وحشة في قبورهم ولا في محشرهم ولا في مسيرهم، وكأنى بأهل لا إله إلا اللّه يخرجون من قبورهم وهم ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد للّه الذي أذهب عنا الحزن «١»
» وذكر الشكور : دليل على أن القوم كثير والحسنات، المقامة : بمعنى الإقامة، يقال : أقمت إقامة ومقاما ومقامة مِنْ فَضْلِهِ من عطائه وإفضاله، من قولهم : لفلان فضول على قومه وفواضل، وليس من الفضل الذي هو التفضل، لأن الثواب بمنزلة الأجر المستحق، والتفضل كالتبرع. وقرئ : لغوب، بالفتح :
وهو اسم ما يلغب منه، أى : لا نتكلف عملا يلغبنا : أو مصدر كالقبول والولوغ، أو صفة للمصدر، كأنه «٢» لغوب لغوب، كقولك : موت مائت، فإن قلت : ما الفرق بين النصب واللغوب؟ قلت : النصب التعب والمشقة التي تصيب المنتصب للأمر المزاول له. وأما اللغوب فما يلحقه من الفتور بسبب النصب، فالنصب : نفس المشقة والكلفة. واللغوب : نتيجته وما يحدث منه من الكلال والفترة.
[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٣٥ إلى ٣٧]
الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ (٣٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٣٧)
(١). أخرجه أبو يعلى وابن أبى حاتم والبيهقي في أول الشعب والطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر. وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف وله طريق أخرى عند الطبراني والنسائي في الكنى عن ابن عمر. وأخرى عند البيهقي في الشعب. وفي الباب عن ابن عباس أخرجه تمام في فوائده والخطيب في ترجمة محمد بن سعيد الطائفي وعن أنس عند ابن مردويه
(٢). «كأنه» لعله : كأنه قال. (ع)