[سورة غافر (٤٠) : آية ٦٠]
وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (٦٠)ادْعُونِي اعبدوني، والدعاء بمعنى العبادة كثير في القرآن. ويدل عليه قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي والاستجابة : الإثابة وفي تفسير مجاهد : اعبدوني أثبكم. وعن الحسن - وقد سئل عنها - : اعملوا وأبشروا، فإنه حق على اللّه أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله. وعن الثوري أنه قيل له : ادع اللّه، فقال. إن ترك الذنوب هو الدعاء. وفي الحديث «إذا شغل عبدى طاعتي عن الدعاء. أعطيته أفضل ما أعطى السائلين» «١» وروى النعمان بن بشير رضى اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
«الدعاء هو العبادة» «٢» وقرأ هذه الآية. ويجوز أن يريد الدعاء والاستجابة على ظاهرهما، ويريد بعبادتي : دعائي، لأنّ الدعاء باب من العبادة ومن أفضل أبوابها، يصدقه قول ابن عباس رضى اللّه عنهما : أفضل العبادة الدعاء «٣». وعن كعب : أعطى اللّه هذه الأمة ثلاث خلال لم يعطهن إلا نبيا مرسلا : كان يقول لكل نبىّ أنت شاهدي على خلقي، وقال لهذه الأمة لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وكان يقول : ما عليك من حرج، وقال لنا ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وكان يقول : ادعني أستجب لك، وقال لنا ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. وعن ابن عباس : وحدوني أغفر لكم، وهذا تفسير للدعاء بالعبادة، ثم للعبادة بالتوحيد داخِرِينَ صاغرين.
[سورة غافر (٤٠) : آية ٦١]
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٦١)
مُبْصِراً من الإسناد المجازى، لأن الإبصار في الحقيقة لأهل النهار. فإن قلت : لم قرن الليل بالمفعول له، والنهار بالحال؟ وهلا كانا حالين أو مفعولا لهما فيراعى حق المقابلة؟ قلت :
هما متقابلان من حيث المعنى، لأن كل واحد منهما يؤدى مؤدى الآخر، ولأنه لو قيل :
__
(١). أخرجه عبد الرزاق عن سفيان عن منصور عن مالك بن الحرث قال «يقول اللّه : إذا اشتغل عبدى بثنائه عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطي السائلين» وهذا مرسل، وفي الترمذي عن أبى سعيد «من شغله قراءة القرآن عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين».
(٢). أخرجه أصحاب السنن، وتقدم في مريم.
(٣). أخرجه الحاكم في الدعاء من وجهين عنه.
(١). أخرجه عبد الرزاق عن سفيان عن منصور عن مالك بن الحرث قال «يقول اللّه : إذا اشتغل عبدى بثنائه عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطي السائلين» وهذا مرسل، وفي الترمذي عن أبى سعيد «من شغله قراءة القرآن عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين».
(٢). أخرجه أصحاب السنن، وتقدم في مريم.
(٣). أخرجه الحاكم في الدعاء من وجهين عنه.