[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ٢٢ إلى ٢٣]
تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢) ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (٢٣)تَرَى الظَّالِمِينَ في الآخرة مُشْفِقِينَ خائفين خوفا شديدا أرق قلوبهم مِمَّا كَسَبُوا من السيئات وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ يريد : ووباله واقع بهم وواصل إليهم لا بدّ لهم منه، أشفقوا أو لم يشفقوا. كأن روضة جنة المؤمن أطيب بقعة فيها وأنزهها عِنْدَ رَبِّهِمْ منصوب بالظرف لا بيشاءون قرئ : يبشر، من بشره. ويبشر من أبشره. ويبشر، من بشره. والأصل : ذلك الثواب الذي يبشر اللّه به عباده، فحذف الجار، كقوله تعالى وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ ثم حذف الراجع إلى الموصول، كقوله تعالى أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا أو ذلك التبشير الذي يبشره اللّه عباده. روى أنه اجتمع المشركون في مجمع لهم فقال بعضهم لبعض : أترون محمدا يسأل على ما يتعاطاه أجرا؟
فنزلت الآية إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى يجوز أن يكون استثناء متصلا، أى : لا أسألكم أجرا إلا هذا، وهو أن تودوا أهل قرابتي، ولم يكن هذا أجرا في الحقيقة، لأنّ قرابته قرابتهم، فكانت صلتهم لازمة لهم في المروءة. ويجوز أن يكون منقطعا، أى : لا أسألكم أجرا قط ولكنني أسألكم أن تودوا قرابتي الذين هم قرابتكم ولا تؤذوهم. فإن قلت : هلا قيل : إلا مودّة القربى : أو إلا المودة للقربى. وما معنى قوله إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ؟ قلت : جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها، كقولك : لي في آل فلان مودّة. ولى فيهم هوى وحب شديد، تريد : أحبهم وهم مكان حبى ومحله، وليست فِي بصلة للمودّة، كاللام إذا قلت : إلا المودّة للقربى، إنما هي متعلقة بمحذوف تعلق الظرف به في قولك : المال في الكيس. وتقديره : إلا المودّة ثابتة في القربى ومتمكنة «١» فيها. والقربى : مصدر كالزلفى والبشرى، بمعنى : قرابة. والمراد في أهل القربى. وروى أنها لما نزلت قيل : يا رسول اللّه، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا
__
(١). قال محمود :«إن قلت هلا قيل : إلا مودة القربى. أو : إلا المودة للقربى. وأجاب بأنهم جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها، كقولك : لي في آل فلان هوى وحب شديد، وليس فِي صلة للمودة، كاللام إذا قلت :
إلا المودة للقربى، وإنما هي متعلقة بمحذوف تقديره : إلا المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها» قال أحمد : وهذا المعنى هو الذي قصد بقوله في الآية التي تقدمت : إن قوله يذرؤكم فيه، إنما جاء عوضا من قوله : يذرؤكم به، فافهمه.
(١). قال محمود :«إن قلت هلا قيل : إلا مودة القربى. أو : إلا المودة للقربى. وأجاب بأنهم جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها، كقولك : لي في آل فلان هوى وحب شديد، وليس فِي صلة للمودة، كاللام إذا قلت :
إلا المودة للقربى، وإنما هي متعلقة بمحذوف تقديره : إلا المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها» قال أحمد : وهذا المعنى هو الذي قصد بقوله في الآية التي تقدمت : إن قوله يذرؤكم فيه، إنما جاء عوضا من قوله : يذرؤكم به، فافهمه.