وقرئ : إلى أهلهم. وزين، على البناء للفاعل وهو الشيطان، أو اللّه عز وجل، وكلاهما جاء في القرآن وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ، زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ والبور : من بار، كالهلك : من هلك، بناء ومعنى ولذلك وصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث. ويجوز أن يكون جمع بائر كعائذ وعوذ. والمعنى : وكنتم قوما فاسدين في أنفسكم وقلوبكم ونياتكم لا خير فيكم. أو هالكين عند اللّه مستوجبين لسخطه وعقابه.
[سورة الفتح (٤٨) : آية ١٣]
وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً (١٣)
لِلْكافِرِينَ مقام مقام لهم، للإيذان بأنّ من لم يجمع بين الإيمانين الإيمان باللّه وبرسوله فهو كافر، ونكر سَعِيراً لأنها نار مخصوصة، كما نكر ناراً تَلَظَّى.
[سورة الفتح (٤٨) : آية ١٤]
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٤)
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يدبره تدبير قادر حكيم، فيغفر ويعذب بمشيئته «١»، ومشيئته تابعة لحكمته، وحكمته المغفرة للتائب وتعذيب المصر وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً رحمته سابقة لغضبه، حيث يكفر السيئات باجتناب الكبائر، ويغفر الكبائر بالتوبة.
[سورة الفتح (٤٨) : آية ١٥]
سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥)
سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ الذين تخلفوا عن الحديبية إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ إلى غنائم خيبر أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ وقرئ كلم اللّه، أن يغيروا موعد اللّه لأهل الحديبية، وذلك أنه وعدهم أن يعوّضهم من مغانم مكة مغانم خيبر «٢» إذا قفلوا موادعين لا يصيبون منهم شيئا. وقيل :

__
(١). قال محمود :«يغفر ويعذب بمشيئته... الخ» قال أحمد : قد تقدمت أمثالها، والقول بأن موجب الحكمة ما ذكر تحكم. هذا وأدلة الشرع القاطعة تأتى على ما يعتقده فلا تبقى ولا تذر، فكم من دليل على أن المغفرة لا تقف على التوبة، وكم يروم إتباع القرآن للرأى الفاسد فيقيد مطلقا ويحجر واسعا، واللّه الموفق.
(٢). قال محمود :«المراد بكلام اللّه وعده أهل الحديبية بغنائم خيبر عوضا عما يفوتهم من غنائم مكة... الخ» قال أحمد : فالاضراب الأول إذا هو المعروف، والثاني هو المستغرب المستعذب الذي ليس فيه مباينة بين الأول والثاني، بل زيادة بينة ومبالغة متمكنة، وإنما كان المنسوب إليهم ثانيا أشد من المنسوب إليهم أولا، لأن الأول نسبة إلى جهل في شيء مخصوص، وهو نسبتهم الحسد إلى المؤمنين، والثاني يعتبر بجهل على الإطلاق. وقلة فهم على الاسترسال.


الصفحة التالية
Icon