اللّه، إلا أن تزول الشمس. وعند الشافعي : يجوز الذبح إذا مضى من الوقت مقدار الصلاة.
وعن الحسن أيضا : لما استقرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة أتته الوفود من الآفاق فأكثروا عليه بالمسائل، فنهوا أن يبتدؤه بالمسئلة حتى يكون هو المبتدئ «١». وعن قتادة :
ذكر لنا أنّ ناسا كانوا يقولون : لو أنزل فيه كذا لكان كذا، فكره اللّه ذلك منهم وأنزلها.
وقيل : هي عامة في كل قول وفعل : ويدخل فيه أنه إذا جرت مسألة في مجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يسبقوه بالجواب، وأن لا يمشى بين يديه إلا لحاجة، وأن يستأنى «٢» في الافتتاح بالطعام وَاتَّقُوا اللَّهَ فإنكم إن اتقيتموه عاقتكم التقوى عن التقدمة المنهي عنها وعن جميع ما تقتضي مراقبة اللّه تجنبه، فإن التقىّ حذر لا يشافه أمرا «٣» إلا عن ارتفاع الريب وانجلاء الشك في أن لا تبعة عليه فيه، وهذا كما تقول لمن يقارف بعض الرذائل : لا تفعل هذا وتحفظ مما يلصق بك العار، فتنهاه أوّلا عن عين ما قارفه، ثم تعم وتشيع وتأمره بما لو امتثل فيه أمرك لم يرتكب تلك الفعلة وكل ما يضرب في طريقها ويتعلق بسببها إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لما تقولون عَلِيمٌ بما تعملون، وحق مثله أن يتقى ويراقب.
[سورة الحجرات (٤٩) : آية ٢]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٢)
إعادة النداء عليهم : استدعاء منهم لتجديد الاستبصار عند كل خطاب وارد، وتطرية الإنصات لكل حكم نازل، وتحريك منهم لئلا يفتروا ويغفلوا عن تأملهم وما أخذوا به عند حضور مجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الأدب الذي المحافظة عليه تعود عليهم بعظيم الجدوى في دينهم، وذلك لأنّ في إعظام صاحب الشرع إعظام ما ورد به، ومستعظم الحق لا يدعه استعظامه أن يألو عملا بما يحدوه «٤» عليه، وارتداعا عما يصده عنه، وانتهاء إلى كل خير، والمراد بقوله لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ أنه إذا نطق ونطقتم فعليكم أن
(١). لم أجده.
(٢). قوله «و أن يستأنى في الافتتاح» أى : ينتظر. أفاده الصحاح. (ع)
(٣). قوله «لا يشافه أمرا» أى : لا يتشاغل بأمر، وفي الصحاح :«الشفه» : الشغل، يقال : شفهنى عن كذا، أى : شغلني. (ع)
(٤). قوله «بما يحدوه عليه» أى : يحضه. (ع) [.....]