فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ عن الضحاك : يجمع بين ناصيته وقدمه في سلسلة من وراء ظهره وقيل تسحبهم الملائكة : تارة تأخذ بالنواصي، وتارة تأخذ بالأقدام حَمِيمٍ آنٍ ماء حار قد انتهى حرّه ونضجه، أى : يعاقب عليهم بين التصلية بالنار وبين شرب الحميم. وقيل :
إذا استغاثوا من النار جعل غياثهم الحميم. وقيل : إن واديا من أودية جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فينطلق بهم في الأغلال، فيغمسون فيه حتى تنخلع أوصالهم، ثم يخرجون منه وقد أحدث اللّه لهم خلقا جديدا. وقرئ : يطوّفون من التطويف. ويطوّفون، أى : يتطوّفون ويطافون. وفي قراءة عبد اللّه : هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان تصليان لا تموتان فيها ولا تحييان يطوفون بينها. ونعمة اللّه فيما ذكره من هول العذاب : نجاة الناجي منه برحمته وفضله، وما في الإنذار به من اللطف.
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٤٦ إلى ٥٥]
وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧) ذَواتا أَفْنانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٩) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥)
مَقامَ رَبِّهِ موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب يوم القيامة يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ونحوه لِمَنْ خافَ مَقامِي ويجوز أن يراد بمقام ربه : أن اللّه قائم عليه، أى حافظ مهيمن من قوله تعالى أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ فهو يراقب ذلك فلا يجسر على معصيته. وقيل : هو مقحم كما تقول : أخاف جانب فلان، وفعلت هذا لمكانك. وأنشد :
ذعرت به القطا ونفيت عنه مقام الذئب كالرّجل اللّعين «١»
(١). قوله «كالرجل اللعين» : هو شيء ينصب وسط الزرع لطرد الوحوش، كذا في الصحاح. اه عليان.
قلت : وتقدم شرح هذا الشاهد بهذا الجزء صفحة ٢٠٥ فراجعه إن شئت اه مصححه.