اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قيل : هذا تمثيل لأثر الذكر في القلوب، وأنه يحييها كما يحيى الغيث الأرض.
[سورة الحديد (٥٧) : آية ١٨]
إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١٨)
الْمُصَّدِّقِينَ المتصدّقين. وقرئ على الأصل. والمصدّقين من صدق، وهم الذين صدقوا اللّه ورسوله يعنى المؤمنين. فإن قلت : علام عطف قوله وَأَقْرَضُوا؟ قلت : على معنى الفعل في المصدّقين، لأنّ اللام بمعنى الذين، واسم الفاعل بمعنى اصدقوا، كأنه قيل : إنّ الذين اصدقوا وأقرضوا. والقرض الحسن : أنّ يتصدق من الطيب عن طيبة النفس وصحة النية على المستحق للصدقة. وقرئ : يضعف، ويضاعف، بكسر العين، أى : يضاعف اللّه.
[سورة الحديد (٥٧) : آية ١٩]
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٩)
يريد أنّ المؤمنين باللّه ورسله هم عند اللّه بمنزلة الصديقين والشهداء : وهم الذين سبقوا إلى التصديق واستشهدوا في سبيل اللّه لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ أى : مثل أجر الصديقين والشهداء ومثل نورهم. فإن قلت : كيف يسوّى بينهم في الأجر ولا بدّ من التفاوت؟ قلت : المعنى أنّ اللّه يعطى المؤمنين أجرهم ويضاعفه لهم بفضله، حتى يساوى أجرهم مع أضعافه أجر أولئك.
ويجوز أن يكون وَالشُّهَداءُ مبتدأ، ولَهُمْ أَجْرُهُمْ خيره.
[سورة الحديد (٥٧) : آية ٢٠]
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (٢٠)
أراد أنّ الدنيا ليست إلا محقرات من الأمور وهي اللعب واللهو والزينة والتفاخر والتكاثر.
وأما الآخرة فما هي إلا أمور عظام، وهي : العذاب الشديد والمغفرة ورضوان اللّه. وشبه حال الدنيا وسرعة تقضيها مع قلة جدواها بنبات أنبته الغيث فاستوى واكتهل «١»
وأعجب به
(١). قوله «فاستوى واكتهل» في الصحاح : اكتهل النيات، أى : تم طوله وظهر نوره. (ع)