قلت : لا يطيقونه. قال : كم؟ قلت : حبة أو شعيرة، قال : إنك لزهيد. فلما رأوا ذلك : اشتدّ عليهم فارتدعوا وكفوا. أما الفقير فلعسرته، وأما الغنىّ فلشحه «١». وقيل : كان ذلك عشر ليال ثم نسخ. وقيل : ما كان إلا ساعة من نهار. وعن على رضى اللّه عنه : إن في كتاب اللّه لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي : كان لي دينار فصرفته، فكنت إذا ناجيته تصدقت بدرهم «٢». قال الكلبي : تصدق به في عشر كلمات سألهنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «٣». وعن ابن عمر : كان لعلىّ ثلاث : لو كانت لي واحدة منهنّ كانت أحب إلىّ من حمر النعم : تزويجه فاطمة، وإعطاؤه الراية يوم خيبر، وآية النجوى. قال ابن عباس : هي منسوخة بالآية التي بعدها، وقيل : هي منسوخة بالزكاة أَأَشْفَقْتُمْ أخفتم تقديم الصدقات لما فيه من الإنفاق الذي تكرهونه، وأنّ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا ما أمرتم به وشق عليكم، وتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وعذركم ورخص لكم في أن لا تفعلوه، فلا تفرطوا في الصلاة والزكاة وسائر الطاعات بِما تَعْمَلُونَ قرئ بالتاء والياء.
[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ١٤ إلى ١٩]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٦) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٧) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٨)
اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٩)

__
(١). قلت : هذا ملفق من حديثين. فمن قوله «قال على إنك لزهيد» أخرجه الترمذي وابن حبان وأبو يعلى والبزار من رواية علقمة الأنماري عن على به وأتم منه. وقال بعد قوله «إنك لزهيد : فنزلت أأشفقتم الآية» قال : فمتى خفف اللّه عن هذه الأمة» قال الترمذي : حسن غريب : إنما نعرفه من هذا الوجه. وقال البزار :
لا يحفظ إلا عن على بهذا الاسناد. وأما أوله وآخره فأخرجه الطبري وابن مردويه من رواية على بن أبى طلحة عن ابن عباس في هذه الآية قال «إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى شقوا عليه.
فأراد اللّه أن يخفف عن نبيه صلى اللّه عليه وسلم، فلما قال ذلك ضن كثير من الناس بأموالهم، فكف كثير من الناس عن المسألة. فأنزل اللّه تعالى بعد هذا فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الآية فوسع اللّه عليهم.
(٢). أخرجه الحاكم من طريق عبد الرحمن بن أبى ليلى عن على به وأتم منه. وأخرجه ابن أبى شيبة من رواية ليث بن أبى سليم عن على بلفظ المصنف. [.....]
(٣). لم أجده.


الصفحة التالية
Icon